ومحصّل المعنى ، إنّ « الكلّي » مفهوم لا يمنع تحصّله الذهني المعرّى عن ملاحظة الواقع عن شركة الكثرة فيه ، على معنى صدقه عليها صدقا يوجب اتّحاده مع الجميع في الوجود ، لو وجدت على وجه وجد مع كلّ حال وجوده مع الاخر ، سواء وجدت بالفعل مع التناهي وعدمه ، أولم توجد أصلا مع إمكان الوجود أو امتناعه ، أو وجد الواحد فقط مع إمكان غيره أو امتناعه.
وهذه هي الأقسام الستّ الّتي أشار إليها العلاّمة (١) في العبارة المتقدّم إليها الإشارة ، وإنّما انيط المنع وعدمه بنفس التصوّر دون المتصوّر نفسه ، بأن يعرّف الكلّي « بما لا يمنع » والجزئي « بما يمنع » ليستقيم الحدّان عكسا وطردا بمثل المفاهيم الأربع المشار إليها وغيرها ممّا يشاركها في عدم فعليّة وقوع الشركة ، لعدم وجود الكثرة ولو بالامتناع نظرا إلى ظهور « ما لا يمنع » و « ما يمنع » في المنع الواقعي النفس الأمري ، فيسبق إلى ذهن الناظر في التعريف كون النظر فيهما إلى ما هو واقع الأمر ، ويحسب لشدّة اتّصال العلم الضروري أو النظري المركوز في ذهنه المانع عن شركة الكثرة ـ بل إمكانها أيضا ـ في المفاهيم المذكورة بالمفهوم المتحصّل في الذهن من أنّ المانع فيها نفس المفهوم ، فيوجب ذلك دخولها في نظره في حدّ الجزئي الموجب لخروجها عن الحدّ الاخر فيفسد طرد الأوّل وعكس الثاني ، فاضيف المنع وعدمه إلى نفس التصوّر تنبيها على الانصراف عن هذا الاستباق ، ببيان أنّ العبرة في الحدّين إنّما هو بالمفهوم من حيث إنّه أمر متحصّل في الذهن مع قطع النظر فيه عن لحاظ الواقع الّذي انكشف بالعلم الضروري أو النظري ، ولا ريب أنّه بهذا الاعتبار صادق على الجميع.
ومن الأفاضل (٢) من جعل التعريف بما ذكر أولى من تعريفهما : « بامتناع فرض صدقه على كثيرين وعدمه » تعليلا بما في لفظ « الفرض » من إشتراكه بين التقدير والتجويز ولا يصحّ الحدّ إلاّ على الأخير ، ولخروج الكلّي الّذي يمتنع
__________________
(١) نهاية الوصول إلى علم الاصول : الورقة ١٧ ( مخطوط ).
(٢) هداية المسترشدين : ١٨ ( الطبعة الحجرية ).