ويمكن دفعه : بعد ملاحظة عدم منافاة جريانه في هذا القسم جريانه في الأقسام الاخر على فرض إمكانه ، التفاتا إلى أنّ قصر شيء على شيء لا يقضي بقصر المقصور عليه على المقصور ، بأنّ المقابلة فيما بين هذه الأقسام ليست بحقيقيّة ـ على ما بيّنّاه ـ بل هي اعتباريّة تنشأ من فرض الواحدة والكثرة في كلّ من جانبي اللفظ والمعنى ، ولو لا ذلك الفرض كان الكلّ من المتّحد ، ضرورة أنّ كلّ لفظ إذا لوحظ بما هو هو ليس إلاّ واحدا ، كما أنّ كلّ معنى إذا لوحظ كذلك ليس إلاّ واحدا ، فالإنسان والبشر إذا لوحظا معا ، والذهب والفضّة من معاني العين إذا لوحظا معا ، والإنسان مع معناه والفرس مع معناه إذا لوحظا معا ، كان الأوّل من المترادفة ، والثاني من متكثّر المعنى ، والثالث من المتبائنة ، ولو لا هذه الملاحظة كان كلّ في كلّ من المتّحد.
وعلى هذا فمورد القسمة بحسب المعنى ما يعمّ احاد جميع الأقسام.
وإن شئت قلت : إنّ المقسم في الجميع بعد تحليلها إلى احادها هو المتّحد ، ولولا هذا التحليل كان وصفها بالكلّية والجزئيّة من الحيثيّات المأخوذة فيها مستحيلا ، فإنّ المترادفة والمتبائنة وغيرها بوصف الكثرة المأخوذة فيها لا يلحقها وصف الكلّية والجزئيّة ، بل إنّما يلحق كلّ واحد من احادها الّتي حصلت الكثرة بانضمام بعض إلى اخر ، ثمّ ينبغي تتميم المبحث برسم مطالب :
المطلب الأوّل : في بيان جهة الكلّي والجزئي وشرح مفهوميهما من حيث إنّهما لحقان المفاهيم مع قطع النظر عن ألفاظها الدالّة عليها.
فنقول : إنّ المعروف في تعريف الكلّي أنّه : « ما لا يمنع نفس تصورّه عن وقوع الشركة فيه » ويقابله الجزئي وهو : « ما يمنع نفس تصورّه عن وقوع الشركة فيه » والمراد بنفس التصوّر ـ بعد جعل الموصول كناية عن المفهوم ـ تحصّله الذهني المعرّى عن ملاحظة الواقع ، من حيث عدم فعليّة وقوع الشركة في بعض الموارد المنكشف بحكم الضرورة والوجدان ، كما في مفهومي « اللاشيء » و « الممتنع » أو النظر والبرهان كما في مفهومي « واجب الوجود » و « شريك الباري ».