شرطا ، من غير أن يصرّح له السيّد بتلك المفاهيم ، ولا يتعرّض إلى إيجادها في محالّها بحيث لو لا تعرّضه لم تكن موجودة ، وقس على ذلك كلّما ورد من هذا القبيل في خطابات الشارع ، كقوله تعالى : ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )(١) وقوله أيضا : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ )(٢) وقوله عليهالسلام : « إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة » (٣) وقوله عليهالسلام : « دعي الصلاة أيّام أقرائك » (٤) فيستفاد في حكم العقل من الأوّل شرطيّة الوضوء للصلاة وجزئيّة الغسل والمسح له ، ومن الثاني والثالث سببيّة الدلوك ودخول الوقت لوجوب الصلاة ، ومن الرابع مانعيّة القرء عنها ، وهذا هو معنى الانتزاع.
لكن يمكن المناقشة في هذا البيان ، بأنّ حكم العقل في الفروض المذكورة ليس إلاّ من باب إدراك الوصف الثابت ، فثبوت العناوين المذكورة ليس من حكمه بل هو مورد لإدراكه ، وإلاّ فلا إشكال في أنّ من يلاحظ الماهيّة مكيّفة بكيفيّات مخصوصة عند إرادة طلبها يلاحظ الامور المحصّلة لتلك الكيفيّات لا محالة ملاحظة تفصيليّة ، وعليه فلم لا يجوز أن يلاحظ بعض هذه الامور على أنّ للاشتمال عليها مدخليّة في المطلوب.
وبعضها الاخر على أنّ للتلبّس بوجودها مدخليّة فيه ، وبعضها الثالث على أنّ للتلبّس بعدمها مدخليّة فيه.
ولا ريب انّ ملاحظة الجهات المذكورة من المدخليّة تصلح اعتبارا للمدخليّة بنحو الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة ، بحيث لولا هذا الاعتبار لما كانت المدخليّة ثابتة بشيء من عناوينها ولا يعنى من الجعل إلاّ هذا ، ولعلّه إلى ذلك يشير ما قيل
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) الإسراء : ٧٨.
(٣) التهذيب ٢ : ١٤٠ ح ٥٤٦ ، الوسائل ١ : ٣٧٢ أبواب الوضوء ب ٤ ح ١.
(٤) الكافي ٣ : ٨٣ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٨١ ح ١١٨٣ ، سنن الدار قطني ١ : ٢١٢ ، السنن الكبرى ١ : ٣٣٢.