ونسبة الجزئي إلى كلّيه ، بناء على اعتبار العموم في « الأحكام » فالمنسوب في الحقيقة أفراد هذا ، وهي بالقياس إلى الطريقة إمّا أجزاء أو جزئيّات.
ثمّ قد عرفت أنّ أخذ الشيء من الشارع من جهة اعتباري الفعل والشأن على قسمين ، كما أنّه أيضا من جهة اعتباري الأخذ منه بلا واسطة والأخذ منه بواسطة العقل على قسمين ، فيتصوّر في الوجه الثاني ـ على تقدير إرادته ـ وجوه خمس : ما اخذ من الشارع فعلا بلسان الشرع ، وما اخذ منه فعلا ولو بلسان العقل ، وما من شأنه أن يؤخذ منه وقد اخذ فعلا بلسان الشرع ، وما من شأنه أن يؤخذ منه وقد اخذ فعلا ولو بلسان العقل ، وما من شأنه أن يؤخذ منه مطلقا.
ولا يصحّ من هذه الوجوه إلاّ الثاني والرابع والخامس ، لاستلزام الأوّل والثالث انتقاض العكس بخروج مستقلاّت العقل ، فيجب الحمل على ما عداهما حذرا عن ذلك ، من غير فرق فيه بين ما لو حمل « الأحكام » على النسب الخبريّة ، أو التصديقات ، أو المسائل ، أو مصطلح الفقهاء بمعناه الأعمّ أو الأخصّ ، إن قلنا بكون الوضعيّات ليست مجعولة ولا أنّها من الأحكام الشرعيّة ، فإنّ الحمل عليها مع قطع النظر عن الإشكالات المتوجّهة إلى أكثرها لا يستلزم محذورا بالقياس إلى الوجوه الثلاث الجارية في قيد « الشرعيّة » خلافا لمن توهّم عدم استقامة الأخذ بتلك الوجوه إلاّ إذا حمل « الأحكام » على مصطلح الفقهاء ، تعليلا : بأنّ الحمل على المعاني الاخر لا يلائم شيئا من الوجوه الخمس المذكورة ، لاستلزامه انتقاض العكس والطرد معا في بعض تلك الوجوه كالأوّل والثالث وانتقاض الطرد فقط في البعض الباقي ، فإنّ المستقلاّت العقليّة تخرج على الأوّل والثالث.
كما أنّ القصص والأمثال والمواعظ والنصائح ومسائل الحبط والتكفير وتجسيم الأعمال ونحوها ممّا ورد في الكتاب والسنّة تدخل على الجميع وإن اختصّ ذلك ببعض هذه الامور في الثالث والرابع والخامس من الوجوه ، فإنّ الجميع نسب خبريّة أو تصديقات ، أو مسائل مأخوذة من الشارع ، كما أنّ مسائل الحبط والتكفير وتجسيم الأعمال من الامور الّتي من شأنها أن تؤخذ من الشارع.