ويظهر من هذا أمران :
١ ـ إنّ للقرآن مراتب من المعاني المرادة بحسب مراتب أهله ومقاماتهم. وهذا لا يمنع من وصول المرتبة العليا إلى ذوي المراتب الأقلّ بالتعليم ، كوصول الحقائق إلى الأولياء بواسطة النبي صلىاللهعليهوآله ، وإلى الخوّاص بتوسطّهم عليهمالسلام ، وهكذا في بقية المراتب الأخرى.
٢ ـ إنّ الظهر والبطن أمران نسبيان ، فكل ظهر بطن بالنسبة إلى ظهره وبالعكس كما يظهر من الرواية السابقة عن الإمام الباقر عليهالسلام التي تضمنت اختلاف أجوبته عن سول واحد.
من هنا نفهم ميزتهم عليهمالسلام في الكشف عن باطن النص الذي يصل إلى حد النطق عن القرآن (الصامت) كما عبر عنه الإمام علي عليهالسلام في قوله : (أرسله على حين فترة من الرسل ، وطول هجعة من الأُمم ، وانتقاضٍ مبرم ، فجاء بتصديق بين الذي يديه ، والنور المقتدى به ، ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق ، ولكن أخبركم عنه ، ألاَ إنّ فيه علم ما يأتي ، والحديث عن الماضي ، ودواء دائكم ، ونظم ما بينكم)(١) ، وكما في قوله عليهالسلام : (أنا القرآن الناطق وهذا القرآن الصامت)(٢) تصريحاً بأن فهمه للقرآن ، وانكشاف باطنه له بما علّمه الرسول صلىاللهعليهوآله ممّا مرّ بيانه في الروايات السابقة ، وهذا الانكشاف هو المائز الذي يفصل بين الاستنطاق ، ومجرّد التدبّر في النص الذي هو أعلى ما يصل إليه غير المعصوم عليهالسلام من متصدّين للفهم ممن اجتمعت فيه
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٥٨.
(٢) نهج البلاغة : ٢٢٣ ، الخطبة رقم ١٥٨.