الأُخرى من معنى(١).
وهو ما وصل حدّ النهي عنه وذمه إلى درجة اعتباره كفراً عند الرسول صلىاللهعليهوآله والأَئمّة عليهمالسلام لأنّه يلزم منه نسبة تكذيب القرآن بعضه بعضا ، ووقوع التناقض فيه.
وكمثال على ما ذكرناه ما أورده الشيخ الطوسي في التبيان من احتجاجات بعض علماء العامّة في مقام إثبات بعض الفضائل الموهومة لبعض الصحابة من القرآن الكريم ، فقال ما هذا لفظه : (فأمّا قولهم : إنّ معنى قوله تعالى : (كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ)(٢) هو أنّه أراد قوله تعالى : (فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَئْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً ..) (٣) مملوء بالغلط الفاحش في التاريخ ؛ لأنّا قد بيّنا أنّ هذه الآية ـ التي في التوبة ـ نزلت بتبوك سنة تسع ، وآية سورة الفتح نزلت سنة ستّ ، فكيف تكون قبلها؟!
وينبغي لمن تكلم في تأويل القرآن أن يرجع إلى التاريخ ، ويراعي أسباب نزول الآية على ما رُوي ، ولا يقول على الآراء والشهوات)(٤).
ومن الواضح أنّ الذي دعاهم إلى تفسير آية سورة الفتح بآية سورة التوبة هو التعصّب الأعمى ولو على حساب التاريخ وأسباب النزول!
__________________
(١) السبزواري / مواهب الرحمن في تفسير القرآن ٥ : ٦٩ بتصرف.
(٢) سورة الفتح : ٤٨ / ١٥.
(٣) سورة التوبة : ٩ / ٨٣.
(٤) الشيخ الطوسي / التبيان في تفسير القرآن ٩ : ٣٢٥ ـ ٣٢٦ في تفسير الآية المذكورة في سورة الفتح.