عن مخزونه ؛ إذ يقول عليهالسلام لرجل سأله : ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلاّ غضاضة؟ فأجاب عليهالسلام : (لأنّ اللّه تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان ، ولا لناس دون ناس ، فهو في كل زمان جديد ، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة)(١).
هذا المعنى يزيده الإمام الرضا عليهالسلام تأكيداً بقوله في وصف القرآن (هو حبل اللّه المتين ، وعروته الوثقى ، وطريقته المثلى ، الموي إلى الجنّة ، والمنجي من النار ، لا يخلق على الأزمنة ، ولا يغث على الألسنة ، لأنّه لم يجعل لزمان دون زمان ، بل جعل دليل البرهان ، والحجّة على كل إنسان (لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)(٢))(٣).
هذه التحديدات المهمة في تحرير النص من قيود الزمان والمكان ينعكس عنها تحرّر آخر ذو بعد شديد الأهمية يرد في المنظور الإمامي ويتجسّد في ثمرتين مهمتين تنتجان عنه :
الأولى : إعطاء مساحة للعقل البشري المترقي أن ينهل في كل زمان
__________________
(١) الصدوق / عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٩٣ / ٣٢ باب ٣٢ ، والشيخ الطوسي / الأمالي : ٥٨٠ ـ ٥٨١ / ١٢٠٣ (٨) مجلس (٢٤).
وأخرجه من العامّة الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٦ : ١١٥ في ترجمة إبراهيم ابن العباس ، أبي إسحاق الصوري برقم (٣١٤٧) بسنده عن الإمام الرضا ، قال عليهالسلام : (سأل رجل أبي موسى بن جعفر : ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلاّ غضاضة ...) وذكر الحديث بتمامه.
(٢) سورة فصلت : ٤١ / ٤٢.
(٣) الصدوق / عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٣٧ ـ ١٣٨ / ٩ باب ٣٥.