وكان من أهم ملامح المنهج التأويلي عند الإمام علي عليهالسلام والأَئمة من بعده ، أنّهم تصدوا لتنزيه الباري عن التجسيم ومكافحته ، ودفع شبه المشبّهة وخرافاتهم في ذلك. يقول القاضي عبد الجبار (وأما أميرالمونين فخطبه في بيان نفي التشبيه ، وإثبات العدل أكثر من أن تحصى)(١).
ويقول البغدادي : قال أمير المونين رضى الله عنه : (إنّ اللّه تعالى خلق العرش إظهارا لقدرته ، لا مكانا لذاته) وقال أيضا : (قد كان ولا مكان ، وهو الآن على ما كان)(٢) وهو عليهالسلام القائل : (ما وحّده من كيّفه ، ولا حقيقته أصاب من مَثَّله ، ولا إيّاه عنى من شبّهه ، ولا صمده من أشار إليه وتوهّمه)(٣).
ولو ذكرنا جميع ما صدر عنهم عليهالسلام من الروايات في توضيح أصول العقيدة وأُسسها لاحتجنا إلى مجلدات ضخمة ، وهو ما تصدّت له مجموعة من المجاميع الكلامية والحديثية عند الإمامية على رأسها :
١ ـ أصول الكافي للكليني (ت ٣٢٩ هـ).
٢ ـ التوحيد للصدوق (ت / ٣٨١ هـ).
__________________
(١) فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ١٦٣ طبع تونس ١٩٧٤.
(٢) الفرق بين الفرق : ٢٠٠.
(٣) نهج البلاغة بشرح الشيخ محمد عبده ٢ : ١١٩ الخطبة رقم ١٨٦ ، وابن أبي الحديد المعتزلي / شرح نهج البلاغة ١٣ : ٦٩ الخطبة (٢٣٢) ، والطبرسي / الاحتجاج ١ : ٢٩٩.
وقوله عليهالسلام : (ولا صمده من أشار إليه وتوهّمه) ، يعني : أنّ من أثبت له سبحانه الجهة ، ومن توهّم في نفسه بأنّ له عزّوجلّ صورة ، أو هيئة ، أو شكلاً؛ فإنّه لم ينزّهه عمّا يجب تنزيهه عنه.