آخرين ، بقدر ما نريد أن يكون المنهج الإسلامي في المعالجات العلمية يمثّل عين الارتباط برسالة الإسلام والانفتاح الفكري والعملي عليها ، وقد حدّد النبي الأعظم باتّفاق جميع طوائف ومذاهب المسلمين ملامح ذلك المنهج وجعله عاصماً لمن استمسك به من كل انحراف وضلالة إلى يوم القيامة ، يوم هتف صلىاللهعليهوآله قائلاً : (إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي ، وإن اللطيف الخبير أنبأني انهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض يوم القيامة) ولهذا لا نجد أحداً من المسلمين من ينفي ارتباطه بأهل البيت عليهمالسلام حتى الوهابية التي لم تأخذ بشيء من منهجهم عليهمالسلام تدّعي ذلك زوراً!!
وإذا أرادت المسيرة الإسلامية أن تضبط خطواتها فما عليها إلاّ أن تكشف المنهج الإسلامي السليم الذي عبّأ الطاقات المؤمنة عبر التاريخ وعمل على توعيتها فكرياً ، وأشعرها بأن الوضع الذي انتابها بعد القائد الأول لم يكن كما يريد : رسالة تتحرّك على الأرض ، وعلماً يتفجّر على الدوام ، وحقّاً لا باطل فيه ، وصدقاً لا كذب معه ، ووعياً كاملاً بالمحتوى التفصيلي لأهداف الشرع الحنيف وغاياته ومقاصده ، وتوجّهاً خالصاً للّه ولا شيء لغير اللّه فيه ، ونجاة من الضلالة إلى يوم القيامة. الأمر الذي لم يتجسّد شيء منه إلاّ في المنهج الذي عصمه اللّه ، حتى تكاثفت صوره المشرقة على مستوى الكلمة والحركة والموقف.
وهذا الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ قد اعتنى عناية فائقة في حدود موضوعه بالثقلين الشريفين ، فاستجلى لنا معالم السيرة المعصومة في تأسيسها لواحدة هي من أهم ما يشدّنا إلى الإسلام ويربطنا به فكراً وعقيدة. لقد استطاع بجدارة أن يضع بين أيدي الباحثين الأصول العلمية الثابتة التي أسسها أهل البيت عليهمالسلام وهم أحد الثقلين في كيفية فهم نصّ الثقل الآخر وهو القرآن الكريم.
راجين من المولى عزّوجلّ أن يحقّق الهدف من نشره ، ويسدّد خطى مؤلّفه ، ويشركنا في ثوابه إنّه سميع مجيب.
مركز الرسالة