أن كشف الغطاء إنما هو بعد الموت ، ومعنى قوله : «لو كشف الغطاء» أنه بعد الموت لا تزداد معرفته.
وكشف الغطاء عبارة عن التجرّد عن التعلّق بالبدن والانسلاخ عن ملابسته ، وهذا لا ينافي تزايد معرفته في الدنيا قبل الموت. وقوله صلىاللهعليهوآله : «ربّ زدني فيك معرفة» إنما أراد بلوغه الغاية الممكنة له في المعرفة في الدنيا. وهذا لا يقتضي زيادة معرفته بعد كشف الغطاء والتجرّد المحض على معرفته الكاملة نهاية مراتب المعرفة الحاصلة في النشأة الدنيوية (١).
أقول : فيه :
أوّلا : أن ظاهر كلامه قدسسره تخصيص كشف الغطاء بهذا المعنى الذي ذكره ، والظاهر بعده ، بل المراد ـ والله سبحان وأولياؤه أعلم ـ إنّما هو الكناية عن جواز الرؤية البصريّة ، بمعنى أنه لو جازت الرؤية البصرية لم يزدد يقيني بالمعرفة بالله سبحانه وبصفاته على ما أنا عليه الآن.
وثانيا : أنه على تقدير المعنى الذي ذكره ـ طاب ثراه ـ لا يتمّ أيضا ، وذلك فإن كلامه عليهالسلام ظاهر في أنه في وقت قوله عليهالسلام وهذا الكلام قد بلغ مرتبة لا تقبل الزيادة ؛ لأنه إذا كان بعد الموت لا يحصل له زيادة على هذه المرتبة التي هو عليها وقت تكلّمه بهذه الكلمة ، فلو جازت الزيادة في الأيّام الباقية من عمره بعد كلامه بهذا الكلام لحصلت المنافاة في المقام. إلّا أن يقال بتزايد المعرفة في الدنيا زيادة على الآخرة وبعد الموت ، وهو باطل قطعا ، بل الأمر بالعكس.
ومنها ما ذكره شيخنا المشار إليه أيضا قال : (وهو من السوانح أيضا ، وهو أن الإمام عليهالسلام إنّما قال : «ما ازددت يقينا» ، ولا ينافي ذلك إلّا زيادة (٢) المطلق. كيف ،
__________________
(١) أجوبة الشيخ سليمان الماحوزي : ٤٧٩.
(٢) إلّا زيادة ، من «ح» والمصدر ، وفي «ق» : ازدياد.