اجيب بأجوبة منها أن المراد : أن نيّة المؤمن بغير عمل خير من عمل بغير نيّة ، حكاه المرتضى رضياللهعنه (١). وأجاب عنه بأن أفعل التفضيل يقتضي المشاركة ، والعمل بغير نيّة لا خير فيه ، فكيف يكون داخلا في باب التفضيل؟ ولهذا لا يقال : العسل أحلى من الخلّ.
ومنها أنه عامّ مخصوص أو مطلق مقيّد ؛ إذ نيّة بعض الأفعال الكبار كنية الجهاد خير من بعض الأفعال الخفيفة كتسبيحة أو تحميدة أو قراءة آية ؛ لما في تلك النيّة من تحمل النفس المشقّة الشديدة والتعرّض للغمّ والهمّ الذي لا توازنه تلك الأفعال. وبمعناه قال المرتضى ـ نضّر الله وجهه ـ قال : (وأتى بذلك لئلا يظنّ أن ثواب النيّة لا يجوز أن يساوي أو يزيد على ثواب بعض الأعمال).
ثم أجاب بأنه خلاف الظاهر لأنه (٢) إدخال زيادة ليست في الظاهر (٣).
قلت : المصير إلى خلاف الظاهر متعيّن عند وجود ما يصرف اللفظ إليه ، وهو هنا حاصل ، وهو معارضة الخبرين السالفين ، فتجعل ذلك جمعا بين هذا الخبر وغيره.
ومنها أن خلود المؤمن في (٤) الجنّة إنّما هو بنيّة أنه لو عاش أبدا لأطاع الله أبدا ، وخلود الكافر في النار بنيّة أن لو بقي أبدا لكفر أبدا. قاله بعض (٥) العلماء (٦).
ومنها أن النيّة يمكن فيها الدوام بخلاف العمل ؛ فإنه يتعطّل عنه المكلّف أحيانا ، فإذا نسبت هذه النيّة الدائمة إلى العمل المنقطع كانت خيرا منه ، وكذا نقول في نيّة الكافر.
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الثالثة) : ٢٣٦ (بالمعنى) ، عنه في الأنوار النعمانيّة ٢ : ٣٥.
(٢) في «ح» : لأن فيه.
(٣) القواعد والفوائد ١ : ١١٠ / القاعدة : ١ ـ الفائدة : ٢٢.
(٤) من «ح».
(٥) من «ح».
(٦) انظر إحياء علوم الدين ٤ : ٣٦٤ ، ونسبه للحسن البصري.