ومنها أن النيّة لا يكاد يدخلها الرياء ولا العجب ؛ لأنّا نتكلّم على تقدير النيّة المعتبرة شرعا بخلاف العمل ؛ فإنه يعرضه ذلك.
ويرد عليه أن العمل وإن كان معرضا لهما ، إلّا إن المراد به : العمل الخالي عنهما ، وإلّا لم يقع التفضيل.
ومنها أن المؤمن يراد به المؤمن الخالص كالمؤمن المغمور بمعاشرة أهل الخلاف ، فإن غالب أفعاله جارية على التقيّة ومداراة أهل الباطل ، وهذه الأعمال المفعولة تقيّة ؛ منها ما يقطع فيه بالثواب كالعبادات الواجبة ، ومنها ما لا ثواب فيه ولا عقاب كالباقي ، وأمّا نيته فهي خالية عن التقيّة ، وهو وإن أظهر موافقتهم بأركانه ، ونطق بها بلسانه إلّا إنه غير معتقد لها بجنانه ، بل آب عنها ونافر عنها.
وإليه الإشارة بقول أبي عبد الله الصادق عليهالسلام ـ و [قد] سأله أبو عمرو الشامي عن الغزو مع غير الإمام العادل ـ : «إنّ الله يحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة» (١) ، وروي مرفوعا عن النبي صلىاللهعليهوآله (٢).
وهذه الأجوبة الثلاثة من السوانح ، وأجاب المرتضى رضياللهعنه (٣) أيضا بأجوبة.
ومنها أن النيّة لا يراد بها : التي مع العمل ، والمفضّل عليه هو العمل الخالي من النيّة. وهذا الجواب يرد عليه النقض السالف مع أنه قد ذكره كما حكيناه عنه.
ومنها أن لفظة «خير» ليست التي بمعنى أفعل التفضيل ، بل هي الموضوعة لما فيه منفعة ، ويكون معنى الكلام : أن نيّة المؤمن من جملة الخير من أعماله (٤) حتى لا يقدّر مقدّر أن النيّة لا يدخلها الخير والشر كما يدخل ذلك في الأعمال.
__________________
(١) المحاسن ١ : ٤٠٩ / ٩٢٩ ، وسائل الشيعة ١ : ٤٨ ، أبواب مقدمات العبادات ، ب ٥ ، ح ٥.
(٢) مسند أحمد بن حنبل ٢ : ٣٩٢.
(٣) انظر رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الثالثة) : ٢٣٦ ـ ٢٣٨.
(٤) من أعماله ، من «ح» والمصدر.