وحكي عن بعض الوزراء استحسانه ؛ لأنه لا يرد عليه شيء من الاعتراضات (١).
ومنها أن لفظ أفعل التفضيل قد تكون مجرّدة عن الترجيح كما في قوله تعالى : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (٢) ، وقول المتنبّي :
أبعد بعدت بياضا لا بياض له |
|
لأنت أسود في عيني من الظلم (٣) |
قال ابن جني : (أراد : لأنت أسود من جملة الظلم ، كما يقال : حر من أحرار ، ولئيم من لئام ، فيكون الكلام قد تمّ عند قوله : لأنت أسود) (٤) ، ومثله قول الآخر :
وأبيض من ماء الحديد كأنّه |
|
شهاب بدا والليل داج عساكره (٥) |
وقول الآخر :
يا ليتني مثلك في البياض |
|
أبيض من اخت بني إباض (٦) |
أي أبيض من جملة اخت بني إباض ومن جملة عشيرتها.
فإن قلت : فقضية هذا الكلام أن يكون في قوّة قوله : النيّة من جملة عمله ، والنيّة من أفعال القلوب ، فكيف تكون عملا؟ لأنه يختص بالعلاج.
قلت : جاز أن تسمى عملا كما جاز أن تسمى فعلا أو يكون إطلاق العمل عليها مجازا.
قلت : وقد أجيب أيضا بأن المؤمن ينوي الأشياء من أبواب الخير نحو الصدقة
__________________
(١) القواعد والفوائد ١ : ١١٢ / القاعدة : ١ ـ الفائدة : ٢٢.
(٢) الإسراء : ٧٢.
(٣) البيت من البسيط. شرح ديوان المتنبي (المتن) ٢ : ٣١.
(٤) عنه في القواعد والفوائد ١ : ١١٢ / القاعدة : ١ ـ الفائدة : ٢٢.
(٥) البيت من الطويل. الأمالي (المرتضى) ١ : ٦٤.
(٦) البيت من الرجز. أمالي السيد المرتضى ١ : ٦٣. وبنو إباض جماعة من الخوارج يقال لهم الإباضية ، وهم أصحاب الحارث الإباضي ، ويقال لهم الحارثية أيضا. انظر الانساب ١ : ٧٠ ـ الإباضي.