المذكور ، رحمهالله تعالى برحمته.
أقول : لا يخفى على المتأمّل الماهر والخبير الباهر أن ما أطال به شيخنا المشار إليه ليس تحته مزيد طائل ولا رجوع إلى حاصل ، لعدم انطباقه على كلام ذلك الفاضل وما قرّره من الدلائل :
أمّا أوّلا ، فما ذكره بقوله : (أمّا الأوّل ـ مشيرا به إلى قول ذلك الفاضل : (إذ الأحاديث المذكورة إنما تضمّنت ترتّب الثواب) إلى آخره ـ فقد ظهر ممّا حرّرناه ضعفه) فيه أنه لم يتقدّم منه في المقام ماله مزيد ربط أو دفع لهذا الكلام. ومراد ذلك الفاضل بهذا الكلام أن غاية ما تضمّنته تلك الأخبار هو ترتب الثواب على العمل ، ومجرّد هذا لا يستلزم أمر الشارع وطلبه لذلك العمل ، فلا بدّ أن يكون هناك دليل آخر دال على طلب الفعل والأمر به ليترتب عليه الثواب بهذه الأخبار وإن لم يكن موافقا للواقع ونفس الأمر. وهذا كلام وجيه كما لا يخفى على الفطن النبيه.
وحينئذ ، فقول شيخنا المذكور في الجواب : (إن ترتب الثواب على عمل يساوق رجحانه) ـ إلى آخره ـ كلام شعريّ ، وإلزام جدليّ لا معنى له عند التأمّل ، فإن العبادات توقيفيّة من الشارع واجبة كانت أو مستحبة لا بدّ لها من دليل صريح ونصّ فصيح يدلّ على مشروعيّتها ، وهذه الأخبار لا دلالة فيها على الثبوت على (١) الأمر بذلك ، وإنما غايتها ما ذكرناه. على أن ترتّب الثواب وإن ساوق الرجحان كما ذكره ، لكن هذا القائل يمنع من ترتّب الثواب وما يساوقه حتى يثبت دليل الأمر به.
فهذه الأخبار ـ الدالة على أن من بلغه ثواب على عمل فعمله (٢) ابتغاء لذلك (٣)
__________________
(١) ليست في «ح».
(٢) من «ح» ، وفي «ق» : فعله.
(٣) في «ح» : ابتغاء ذلك ، بدل : ابتغاء لذلك.