المضروبة دون الغيوب ، والإقرار (١) بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب (٢) ، فمدح الله تعالى اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما ، وسمّى (٣) تركهم التعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عن كنهه رسوخا. فاقتصر على ذلك ، ولا تقدر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك ؛ فتكون من الهالكين».
أقول : ظاهر هذا الخبر لا يخلو من الإشكال ؛ إذ الظاهر أن الإشارة بقوله : «واعلم أن الراسخين في العلم» ـ إلى آخره ـ إنما [هي] (٤) إلى قوله عزوجل (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ) (٥) الآية ، وهو مبنيّ على الوقف على لفظ (اللهُ) و (الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ) : جملة مركّبة من مبتدأ وخبر ، بمعنى أنه لا يعلم تأويل (القرآن) كلّه : محكمه ومتشابهة إلّا الله تعالى خاصّة دون الراسخين ؛ وهو خلاف ما دلت عليه الأخبار الكثيرة المؤذنة بعطف (الرّاسِخُونَ) على (اللهُ) ، وأن علم (الكتاب) كملا عنده عزوجل وعند الراسخين ، فيكون الوقف حينئذ على (الرّاسِخُونَ).
ومن الأخبار في ذلك ما رواه ثقة الإسلام في (الكافي) (٦) ، والعياشي في تفسيره (٧) عن الصادق عليهالسلام قال : «نحن الراسخون في العلم ، ونحن نعلم تأويله».
والعياشي عن الباقر عليهالسلام : «يعني تأويل القرآن كلّه» (٨).
وفي رواية : «فرسول الله صلىاللهعليهوآله أفضل الراسخين في العلم ، قد علّمه الله عزوجل جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلّمه تأويله ،
__________________
(١) من «ح» ، وفي «ق» : فالاقرار ، وفي نهج البلاغة : الإقرار.
(٢) من «ح» ، وفي «ق» : محجوب.
(٣) من «ح» ، وفي «ق» : فسمى.
(٤) في النسختين : هو.
(٥) آل عمران : ٧.
(٦) الكافي ١ : ٢١٣ / ١ ، باب أن الراسخين في العلم هم الأئمّة عليهمالسلام.
(٧) تفسير العياشي ١ : ١٨٧ / ٨.
(٨) تفسير العياشي ١ : ١٨٧ / ٦.