التأويل وضمهم (١) إلى نفسه في الاستثناء في (٢) الاستبعاد عن مشاركتهم لله عزوجل في ذلك العلم ، وبيان أنهم إنما استحقّوا إفاضة ذلك العلم باعترافهم بالجهل وقصورهم عن الإحاطة بالمتشابهات من تلقاء أنفسهم ، وإن علموا التأويل بوحي إلهي.
وسيجيء في كلامه عليهالسلام أنه لمّا أخبر ببعض المغيّبات قال له رجل : اعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب؟ فقال عليهالسلام للرّجل وكان كلبيّا : «يا أخا كلب ، ليس هو بعلم غيب وإنما هو تعلّم من ذي علم» (٣). ويمكن أن يكون إقرارهم وتسليمهم بعد علمهم بالمتشابهات بالتعليم الإلهي نظرا إلى عجزهم عن إدراكها من دون التعلّم ، وما هو شأنهم لو خلّاهم الله وأنفسهم وإن سمّى الله عزوجل ـ رأفة بهم ـ ذلك المستفاد (٤) علما.
ويمكن أن يقال : إن للآية ظهرا وبطنا :
أحدهما : أن يكون المراد بالمتشابه : مثل العلم بكنه الواجب وما استأثر الله بعلمه من صفته وغيرها. والوقف حينئذ على (اللهُ) ، وإليه يشير ظاهر الخطبة.
وثانيهما : أن يراد به : ما علم الراسخون في العلم تأويله ، وإليه الإشارة في الأخبار. والوقف حينئذ على (الْعِلْمِ) ويكون القارئ مخيرا في الوقف على أحد الموضعين.
ويمكن ألّا يكون الإقرار والمدح في الخطبة إشارة إلى ما تضمّنته الآية ، بل إلى إقرارهم بالعجز عن معرفة صفته والغيب المحجوب فيما بينهم وبين الله عزوجل ، ومدح الله سبحانه إيّاهم في الملأ الأعلى ونحوه. فيكون المراد بالمتشابه :
__________________
(١) في «ح» ، وضمه.
(٢) في «ح» بعدها : قوة.
(٣) نهج البلاغة : ٢٤٤ / الكلام : ١٢٨ ، بحار الأنوار ٢٦ : ١٠٣ / ٦.
(٤) في «ح» بعدها : من التعليم.