ما علموا تأويله ، ويكون موضع الوقف في الآية (الْعِلْمِ) وهذه الوجوه وإن كان بعضها لا يخلو من بعد إلّا إنها غاية ما خطر لي (١) في مقام الجمع ، والله سبحانه أعلم بحقيقة الحال) انتهى كلامه زيد مقامه.
وأمّا المحدّث الكاشاني في تفسيره (الصافي) (٢) فإنه أورد أولا الأخبار الاولى وفسّر بها الآية ، ثم أورد أخبار الخطبة المشار إليها برواية الصدوق في (التوحيد) والعياشي في تفسيره ، ولم يتعرّض للكلام في ذلك مع ظهور المنافاة كما عرفت بين أخبار الطرفين.
أقول : والذي يخطر ببالي العليل وفكري الكليل أنه لعلّ الأظهر (٣) في الجواب عن هذا الإشكال والجمع بين الأخبار الواردة في هذا المجال هو أن يقال :
أوّلا : إن لفظ (الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) قد ورد في آية اخرى غير الآية المتقدّمة وهي قوله سبحانه (لكِنِ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) (٤) الآية.
ولا ريب أن الرسوخ في العلم ليس منحصرا في مرتبة واحدة ، بل له مراتب متعدّدة كما فصّله شيخنا العالم الرباني الشيخ ميثم البحراني قدسسره في (شرح نهج البلاغة) ، أوّلها مرتبة الّذين اقتصروا في صفات الله تعالى وملائكته وعالم غيبه على ما وقفتهم الشريعة عليه في الجملة ، كما أوصله النبيّ صلىاللهعليهوآله (٥) إلى أفهامهم (٦) ، وعلى هؤلاء يحمل كلام أمير المؤمنين عليهالسلام في الخطبة ، وإلى هؤلاء الإشارة بهذه الآية المذكورة هنا.
__________________
(١) في «ح» : خطرني ، وفي نسخة بدل منها في هامشها : حضرني.
(٢) التفسير الصافي ١ : ٣١٨ ـ ٣١٩.
(٣) من «ح» ، وفي «ق» : الأكمل.
(٤) النساء : ١٦٢.
(٥) في «ح» والمصدر : الرسول.
(٦) شرح نهج البلاغة ٢ : ٣٣٥.