وأمّا (الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) في الآية المتقدّمة التي وردت الأخبار بأنّها مخصوصة بالأئمّة الأطهار دون غيرهم فتحمل على أعلى المراتب المناسبة لحالهم ، كما يشير إليه قوله عليهالسلام في بعض الأخبار المتقدّمة : «فرسول الله صلىاللهعليهوآله أفضل الراسخين في العلم ـ إلى قوله ـ : وأوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه». ويؤيّده ما استفاض في أخبارهم من أن علوم الرسول صلىاللهعليهوآله كلّها صارت إليهم يتوارثونها واحدا بعد واحد (١).
وبالجملة ، فـ (الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) قد وقع في آيتين ، فوجه الجمع بين أخبار الطرفين حمل أخبار الخطبة على الآية التي ذكرناها والأخبار الاخر على تلك الآية التي وردت تلك الأخبار بتفسيرها. ولا ريب أن كلامهم عليهمالسلام للناس على قدر ما تحتمله عقولهم ، كما روي عنه صلىاللهعليهوآله : «أمرت أن أكلّم الناس على قدر عقولهم» (٢).
ومن الظاهر البيّن أن مرتبته صلىاللهعليهوآله ومرتبة أوصيائه عليهمالسلام في المعرفة والرسوخ لا تنسب إلى معرفة ذلك المخاطب ونحوه ممّن يكون الرسوخ في حقهم هو الوقوع على ظاهر الشريعة ، ويمنعون عن البحث عما زاد على ذلك خوفا عليهم من الوقوع في تيه الحيرة.
وأمّا ما يشعر به كلام شيخنا العلّامة الشيخ ميثم قدسسره في شرحه من أن المراد بالراسخين في العلم في كلامه عليهالسلام هم المذكورون في الآية المتقدّمة ؛ وهي قوله : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (٣) وأن الوقف فيها حينئذ على
__________________
(١) الكافي ١ : ٢٢١ ـ ٢٢٣ / ١ ـ ٨ ، باب أن الأئمَّة عليهمالسلام ورثة العلم.
(٢) الكافي ١ : ٢٣ / ١٥ ، عوالي اللآلي ٢ : ١٠٣ / ٢٨٤ ، كشف الخفاء ومزيل الإلباس ١ : ١٩٦ / ٥٩٢ ، وفي الجميع : امرنا أن نكلم
(٣) آل عمران : ٧.