فأعطاهم الله أجرهم مرّتين» (١).
أقول : هذان الخبران مستند شيخنا الصدوق ـ عطّر الله مرقده ـ فيما ذكره من التفسير ، لكنه حيث خفي على القوم ، وقعوا فيما وقعوا فيه من الخبط والاشتباه إلى هذا اليوم ، حتى مدّ بعضهم ـ كما عرفت ـ عليه لسان العتب واللوم ، ولم يعلموا أن هذه عادته ـ طاب ثراه ـ في تفسير الأخبار بعضها ببعض وإن بعد.
وحينئذ ، فيعود الإشكال في الخبر المذكور بحذافيره ، ويتعاظم الخطب فيه ، وتسقط أكثر الاحتمالات التي ذكروها في الجواب عنه.
قال الفاضل المحقّق خليفة سلطان في حواشيه على كتاب (من لا يحضره الفقيه) ـ بعد نقله الخبر الثاني وكلام له قبل نقله ـ ما صورته : (وبعد الاطلاع على هذا الحديث ظهر لنا أن هذه الفقرة من كلام المصنّف مأخوذة من الحديث المذكور أن صرف الكلام في مقام التقيّة أمر ممدوح وإن كان في غيره مذموما.
ومقصود الإمام عليهالسلام من بيان أنهم كانوا صيارفة الكلام الترغيب في استعمال التقيّة ، وفي قوله عليهالسلام : «ما فعلتم فعلهم» نوع شكاية من شيعته في الإفتاء وترك التقيّة.
بقي هاهنا أن رواية سدير مناسقة للترغيب في صرف الدراهم ، ولا مدخل في ذلك لكون أهل الكهف صيارفة الكلام ، وغاية ما يمكن أن يقال : إن أمثال هذه التنظيرات موجودة في الأحاديث ، مثل ما روى في (الكافي) في باب الكفالة والحوالة عن حفص البختري قال : أبطأت عن الحجّ فقال لي أبو عبد الله عليهالسلام : «ما أبطأك عن (٢) الحجّ؟». فقلت : جعلت فداك تكفّلت برجل فخفر بي. فقال : «مالك والكفالات؟ أما علمت أنها أهلكت القرون الاولى؟» ثم قال : «إن قوما أذنبوا ذنوبا
__________________
(١) قصص الأنبياء : ٢٥٣ / ٣٢٤.
(٢) في «ح» : أبطأ بك من ، بدل : أبطأك عن.