كثيرة فأشفقوا منها خوفا شديدا ، فجاء آخرون فقالوا : ذنوبكم علينا فأنزل الله عزوجل عليهم العذاب ، ثمّ قال تبارك وتعالى : خافوني واجترأتم عليّ» (١) انتهى.
انظر كيف قاس عليهالسلام كفالة الأموال بكفالة الأنام) انتهى كلامه علا في الخلد مقامه.
أقول : ما ذكره قدسسره في معنى الخبر الذي نقله جيّد إلّا إنه لم يأت على الإشكال الذي في الباب ، ويمكن أن يقال ـ والله سبحانه وقائله أعلم بحقيقة الحال ـ : إنه لما كان الصيرفي كما يطلق على صيرفي النقود وكذلك يطلق على صيرفي الكلام بالزيادة والتحسين لتحصيل مطلب منه ، قال في (النهاية) الأثيرية : (في حديث موسى (٢) الخولاني : (من طلب صرف الحديث يبتغي به (٣) إقبال وجوه الناس إليه) [أراد بصرف] (٤) الحديث : ما يتكلّفه الإنسان من الزيادة فيه على قدر الحاجة.
وإنما كره ذلك ، لما يدخله من الرياء والتصنّع).
ثم قال : (يقال : فلان لا يحسن صرف الكلام ، أي فضل بعضه على بعض ، وهو من صرف الدراهم وتفاضلها) (٥) انتهى.
وقال في (القاموس) : (وصرف الحديث أن يزاد فيه ويحسّن ، من الصرف في الدراهم ، وهو فضل بعضه على بعض في القيمة ، وكذلك صرف الكلام) (٦) انتهى.
وأهل الكهف كانوا صيارفة بالمعنى الثاني يعني جهابذة نقادا يفصلون بين هرج الكلام وصحيحه ، ويميّزون بين خطئه وصوابه. فالواجب أن يقال هنا : إنه إذا كان الأمر كذلك ، فكيف يتّجه ذمّ صيارفة الدراهم والإزراء بهم مطلقا إلى الحدّ
__________________
(١) الكافي ٥ : ١٠٣ ـ ١٠٤ / ١.
(٢) في المصدر ، أبي إدريس ، بدل : موسى.
(٣) من «ح» والمصدر.
(٤) من المصدر ، وفي النسختين : أن صرف.
(٥) النهاية في غريب الحديث والأثر ٣ : ٢٤ ـ صرف.
(٦) القاموس المحيط ٣ : ٢٣٥ ـ الصرف.