ويؤيّد ذلك شهرة الحكم بالقول المشهور بين الأصحاب سلفا وخلفا ، كما سمعت من صحيحة منصور بن حازم (١) وما أوضحناها به في ذيلها.
وأمّا نسبة هذا القول إلى الصدوق ـ كما ذكره في (المختلف) (٢) ـ ففيه ما عرفت ، ويؤيّده أنه قال في (المقنع) : (إذا تزوّج البنت فدخل بها أو لم يدخل فقد حرمت عليه الامّ. وقد روي أنّ الامّ والبنت في هذا سواء ، إذا لم يدخل بإحداهما حلّت له الاخرى) (٣). فأفتى فيه بما هو المشهور ، ونسب القول الآخر إلى الرواية ، ومن المعلوم من حاله أن فتواه لا يختلف في الأحكام في كتبه كغيره من المجتهدين.
وبالجملة ، فهو قرينة ظاهرة فيما قلناه ويعضد أخبار القول المشهور موافقتها للاحتياط الذي هو أحد المرجّحات المنصوصة عند التعارض كما تضمنته مرفوعة زرارة (٤) ، وبذلك يظهر قوة القول المشهور ، وأنه المؤيد المنصور.
وأمّا من استشكل في هذه المسألة من المحقّقين المتقدّمين ، فإن منشأ ذلك بالنسبة إلى أوّلهما أنه حيث كان من أرباب هذا الاصطلاح المحدث ، ولا يعمل [بشيء] من الأخبار إلّا على الصحيح أو الحسن ، وأخبار القول المشهور ضعيفة باصطلاحه ، وما قابلها صحيح عنده ، لكن حيث إن الشهرة بين الأصحاب في جانب الأخبار الضعيفة ، حصل له الإشكال والتوقف ؛ لمعارضة صحّة روايات القول الآخر بهذه الشهرة المعتضدة بهذه الأخبار.
وهذا الإشكال مفروغ منه (٥) عندنا ؛ حيث إنه لم يقم لنا دليل على صحّة هذا
__________________
(١) الكافي ٥ : ٤٢٢ / ٤ ، باب ما يحرم على الرجل ممّا نكح ابنه .. ، تهذيب الأحكام ٧ : ٢٧٤ / ١١٦٩ ، وسائل الشيعة ٢٠ : ٤٦٢ ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٢٠ ، ح ١.
(٢) مختلف الشيعة ٧ : ٤٨ / المسألة : ١٣.
(٣) المقنع : ٣١٢.
(٤) عوالي اللآلي ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.
(٥) من «ح».