الْخَلْقَ) (١) ، (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) (٢).
ورابعها : قوله عزوجل (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) (٣) ، والفناء هو العدم.
واجيب بالمنع ، بل هو خروج الشيء عن الصفة التي ينتفع به عندها ، كما يقال : فني زاد القوم ، وفني الطعام والشراب. وكذا يستعمل في الموت ، مثل (أفناهم الحرب).
وقيل : معنى الآية : كلّ من على وجه الأرض من الأحياء فهو ميّت (٤).
قال الإمام الرازي : (لو سلّمنا أن الفناء والهلاك بمعنى العدم فلا بدّ في الآيتين من تأويل ؛ إذ لو حملناهما على ظاهرهما لزم كون الكلّ هالكا فانيا في الحال ، وليس كذلك. وليس التأويل بكونه آئلا إلى العدم ـ على ما ذكرتم ـ أولى من التأويل بكونه قابلا) (٥).
وأنت خبير بأن هذا الكلام مبنيّ على ما صرّح به أئمّة العربية من كون اسم الفاعل ونحوه مجازا في الاستقبال ، وأنه لا بدّ من الاتصاف بالمعنى المشتقّ منه.
وإنّما الخلاف في أنه هل يشترط بقاء ذلك المعنى؟ وقد تقدّم تحقيق ذلك في بعض درر هذا الكتاب.
وقد توهّم صاحب (التلخيص) (٦) بأنّه كالمضارع مشترك بين الحال والاستقبال ، فاعترض بأن حمله على الاستقبال ليس تأويلا وصرفا عن الظاهر. وفيه ما عرفت.
وخامسها : الخبر المذكور ، حيث صرّح بأنّه يبلى جسده «حتّى لا يبقى لحم ولا عظم».
__________________
(١) العنكبوت : ١٩.
(٢) العنكبوت : ٢٠.
(٣) الرحمن : ٢٦.
(٤) بحار الأنوار ٦ : ٣٣٤ / ذيل الحديث : ١٦.
(٥) المحصل : ٥٦٠ ـ ٥٦١.
(٦) تلخيص المحصّل : ٣٩٦.