وأجاب عنه بعض مشايخنا المعاصرين بأن الإبلاء لا يستلزم العدم ؛ فإن العرب يقولون : بلي الثوب ، يعني : خلق ، وخلق) بمعنى بلي ، فلا يكون الإبلاء (١) إلّا تفرّق الأجزاء وتبدّدها لا عدمها بالمرّة. انتهى.
أقول : الظاهر بعده ؛ فإنه لو كان كذلك للزم مثله في الطينة ، فإنّها تتفرّق أيضا ، مع أنه عليهالسلام استثناها من البلى ، فالأظهر أن البلى إنّما هو بمعنى الانعدام كما هو ظاهر الخبر ؛ ليتمّ استثناء الطينة من ذلك.
وسادسها : ما رواه الطبرسي في (الاحتجاج) عن هشام بن الحكم ، في حديث الزنديق الذي سأل الصادق عليهالسلام عن مسائل ـ وهو طويل ـ حيث قال فيه : أيتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه ، أم هو باق؟ قال : «بل هو باق إلى وقت (٢) ينفخ في الصور ، فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى ، فلا حسّ ولا محسوس ، ثمّ اعيدت الأشياء كما بدأها مدبّرها ، وذلك أربعمائة سنة بين النفختين» (٣). والتأويل ممكن وإن بعد (١).
وسابعها : قول أمير المؤمنين عليهالسلام في بعض خطبه المنقولة عنه في كتاب (نهج البلاغة) ؛ «هو المفني [لها] بعد وجودها ، حتى يصير موجودها كمفقودها ، وليس فناء الدنيا بعد ابتدائها بأعجب من إنشائها واختراعها».
__________________
(١) أقول : يفهم من هذا الخبر بطلان عالم البرزخ [..] (١) ؛ لأن الروح بعد الموت تصير في العالم البرزخي في قالب كقالبه في الدنيا ، يتنعمون ويجلسون ويأكلون ويشربون ، كما صرّحت به الأخبار (٢). وهذا الخبر يدل على بقاء الروح إلى يوم النفخ في الصور ، ثمّ بعد ذلك تبطل جميع الأشياء وتفنى. وقريب منه كلام أمير المؤمنين عليهالسلام المذكور بعده. ولم أقف على من تنبّه للتصريح بذلك في هذا المقام نفيا أو إثباتا ، والله العالم. منه رحمهالله ، (هامش «ح»).
(٢) في «ح» : البلاء هنا ، بدل : الإيلاء.
(٣) في «ح» بعدها : يوم.
(٤) الاحتجاج ٢ : ٢٤٥ / ٢٢٣.
__________________
١ ـ كلمتان غير مقروءتين.
٢ ـ انظر الكافي ٣ : ٢٤٥ / ٦ ، باب آخر في أرواح المؤمنين.