إلى أن قال : «وإنه سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه ، كما كان قبل ابتدائها ، كذلك يكون بعد فنائها ، بلا وقت ولا مكان ، ولا حين ولا زمان. عدمت عند ذلك الآجال والأوقات وزالت السنون والساعات ، لا شيء إلّا الواحد القهّار».
إلى أن قال : «ثمّ يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها» (١) إلى آخره.
ولا يخفى ما فيه من ظهور الدلالة على فناء جميع المخلوقات عند انقضاء العالم.
واستدلّ الآخرون القائلون بالقول الثاني أيضا بوجوه :
الأوّل : أنّه لو كان الإعادة إنما هي بالمعنى المذكور أوّلا لما كان الجزاء به (٢) واصلا إلى مستحقه ، واللازم باطل سمعا ؛ للأدلة الدالّة على أن الله لا يضيع (أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) (٣) ، وعقلا ؛ لوجوب ثواب المطيع وعقاب العاصي.
وبيان اللزوم : أن المنشأ لا يكون (٤) هو المبتدأ ، بل مثله ؛ لامتناع إعادة المعدوم بعينه.
وردّ بالمنع ، ولو سلّم فلا يقوم حجّة على من يقول ببقاء الروح والأجزاء الأصلية وإعدام البواقي ثمّ إيجادها وإن لم يكن الثاني هو الأوّل (٥) بعينه ، بل هو (٦) مغاير له في صفة الابتداء والإعادة أو باعتبار آخر. ولا شكّ أن الاعتبار في الاستحقاق هو الروح.
الثاني (٧) : الآيات الدالة على كون النشور بالإحياء بعد الموت ، والجمع بعد
__________________
(١) نهج البلاغة : ٣٦٩ ـ ٣٧١ / الخطبة : ١٨٦.
(٢) ليست في «ح».
(٣) إشارة إلى الآية : ٣٠ من سورة : الكهف.
(٤) في «ح» بعدها : إلّا.
(٥) الثاني هو الأول ، من «ح» ، وفي «ق» : هو الثاني.
(٦) ليست في «ح».
(٧) في «ق» بعدها : في ، وما أثبتناه وفق «ح».