من أرض وسماء وجميع ما فيها ـ يحصل العدم المحض للجميع ، ثمّ بعد ذلك إذا أذن الله عزوجل في إيجاد ما أفناه أعاد الأرض أولا بجميع ما أودعه فيها ، وأعاد السماء ، ثمّ فعل به ما ذكر في هذه الأخبار.
وبالجملة ، فالأدلّة ـ كما سمعت ـ من الطرفين والأجوبة من الجانبين متعارضة متصادمة ، وما ادّعوه من امتناع إعادة المعدوم لم يأتوا عليه بدليل يركن إليه ولا برهان يعتمد عليه ، والأمر بالنسبة إلى القدرة الإلهيّة من الممكنات ؛ لأن الله تعالى قادر على جميع المقدورات ، محيط علمه بجميع المعلومات من جزئيّات وكلّيات.
والتمسك بقصور إدراك العقل عن ذلك مع إمكانه بالنسبة إلى القدرة الإلهيّة ممّا لا يسمن ولا يغني من جوع ؛ فإن كثيرا من أحوال النشأة البرزخيّة والاخرويّة ممّا يقصر العقل عن إدراكها مع ورود الشرع بها ؛ ولهذا أنكرها جملة من العقلاء (١) المستبدّين بعقولهم والمستندين إليها ، كمسألة تجسّم الأعمال ونحوها. ولذا أيضا قد أنكر جملة من العقلاء القول بالمعاد (١) ؛ لاعتمادهم في الأحكام على مجرّد العقل ، مستندين إلى استلزامه إعادة المعدوم ، وزيّفوا ذلك بشبهات واهية مذكورة في مظانّها.
والحقّ إلّا إنه لا يمكن الجزم في المسألة بشيء من القولين ، إلّا أنه يمكن أن يقال : إنه يكفي في المعاد في المعاد (٢) كونه مأخوذا من الأجزاء الأصلية الباقية
__________________
(١) وهم كافة الفلاسفة وأكثر الملاحدة ولم يقفوا البلاء عليه ، بل عكسوا تارة بادعاءات آبية ، واخرى بشبهات واهية [مذكورة] (١) في مظانّها. منه رحمهالله ، (هامش «ح»).
(٢) شرح المقاصد ٥ : ٨٨.
(٣) في «ح» : والمعاد ، بدل : في المعاد ، ولكنّها شطب عنها.
__________________
١ ـ في الأصل : المذكور.