بعد فناء البدن التي صرّح بها عليهالسلام في خبر عمّار (١) المبحوث عنه ؛ إذ مدار اللذات والآلام التي هي الغرض من الإعادة إنما هو على الروح ولو بواسطة الآلات.
ويعضد ما ذكرناه أن القائلين بالهيولى يقولون بانعدام الصورة الجسمية والنوعيّة وبقاء الهيولى عند تفرّق الجسم ، والنافين لها يقولون بعدم انعدام جزء من الجسم عند التفرق.
ويؤكّده ما ذكره بعض المحقّقين من (أن تشخص الشخص إنما هو بأجزائه الأصلية المخلوقة من المني ، وتلك الأجزاء (٢) باقية في مدّة حياة الشخص وبعد موته وتفرّق أجزائه) (٣) انتهى.
أقول : لا يخفى أن غاية ما يستفاد من الأخبار المتقدّمة الدالّة على الإعادة هو الدلالة على إعادة ذلك الشخص ، بمعنى أنه يحكم عليه عرفا أنه هو هو ، كما أنه يحكم على الماء الواحد إذا افرغ في إناءين أنه هو الماء الذي كان في إناء واحد عرفا وشرعا ، ولا يمنع ذلك تشخّصه بالوحدة التي كان عليها حال كونه في ذلك الإناء الواحد.
وقد روي عن الصادق عليهالسلام أن ابن أبي العوجاء سأله عن قوله تعالى (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) (٤) قال : ما ذنب الغير؟ فقال عليهالسلام : «ويحك هي هي ، وهي غيرها». قال : فمثّل لي [في] ذلك شيئا من أمر الدنيا. قال : «نعم ، أرأيت لو أن رجلا أخذ لبنة فكسرها ثم ردّها في ملبنها؟ فهي هي ، وهي غيرها» (٥) ، فإنّ الظاهر أن المعنيّ فيه أنها هي هي من حيث المادة ، وإنما الاختلاف في الصفات والعوارض الغير المشخّصة ، وبذلك صارت غير الاولى.
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٢١ / ٥٨٠.
(٢) من «ح» والمصدر ، وفي «ق» : الأجساد.
(٣) بحار الأنوار ٧ : ٥١.
(٤) النساء : ٥٦.
(٥) الاحتجاج ٢ : ٢٥٦ / ٢٢٧.