ومن ذلك صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : لئن اوصي بخمس مالي أحبّ إليّ من أن اوصي بالربع ، ولئن اوصي بالربع أحبّ إلي من أن اوصي بالثلث ، ومن أوصى بالثلث فلم يترك فقد بالغ» (١).
وفي حسنة حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «من أوصى بالثلث فقد أضرّ بالورثة ، والوصية بالخمس والربع أفضل من الوصية بالثلث ، ومن أوصى بالثلث فلم يترك» (٢).
إلى غير ذلك من الأخبار التي على هذا المنوال ، وإلى ذلك يشير قوله عليهالسلام في صحيحة علي بن يقطين : «والثلث كثير».
وحينئذ ، فلا وجه لنظم هذه الأخبار في سلك الاستدلال.
ولعلّ وجه الحكمة في منع الشارع له من الزيادة على الثلث في الوصية التي يكون تنفيذها بعد الموت ، كما صرّحت به هذه الأخبار ، وتجويز التصرف له في ماله حال مرضه مطلقا ، بأن يفعل به ما يشاء ويبيّنه ، كما صرّحت به الأخبار التي قدّمناها واعتمدناها ، هو أن المال بعد الموت لمّا كان ينتقل للورثة ويخرج عن ملكه وتصرفه ، فإنه يسهل على النفس السخاء به والجود به ، حيث إنه يصير للغير من بعده ، فمن أجل ذلك اقتضت الحكمة الربانية منعه من الزيادة في الوصية على الثلث ، خوف الإضرار بالورثة والتعدي عليهم في أموالهم ، مع حفظه له لمّا كان له ، وشحّه عليه وحرصه به.
وهذه الحكمة ليست حاصلة في الحي وإن كان مريضا ، فإن البرء ممكن ،
__________________
(١) الكافي ٧ : ١١ / ٤ ، باب ما للإنسان أن يوصي به. ، وسائل الشيعة ١٩ : ٢٦٩ ، كتاب الوصايا ، ب ٩ ، ح ١.
(٢) الكافي ٧ : ١١ / ٥ ، باب ما للإنسان أن يوصي به .. ، وسائل الشيعة ١٩ : ٢٦٩ ، كتاب الوصايا ، ب ٩ ، ح ٢.