والشحّ بالمال في الجملة حاصل ، فيكون كتصرف الصحيح في ماله لا في مال غيره. وتوهّم كون [مال] (١) المريض في معرض أن يكون للورثة بخلاف الصحيح مطلقا ممنوع ، فربّ مريض عاش ، وصحيح سبقه الموت (٢) ، كما هو المشاهد بالوجدان في غير مكان وزمان.
وبالجملة ، فإن التصرف في الصورة الاولى لمّا كان بعد زمان الموت الذي ينتقل فيه المال للوارث صار كأنه تصرف في مال الوارث ، والتصرف في الصورة الاخرى لمّا كان في الحياة ، ولا تعلّق له على الموت كان كتصرف الصحيح في ماله يفعل به ما (٣) يشاء.
وبما شرحناه يظهر لك أن أكثر هذه الأخبار غير ظاهر الدلالة ، وما ربّما يظهر منه ذلك فالظاهر أن سبيله الحمل على التقية التي هي الأصل التام في اختلاف الأخبار عنهم عليهمالسلام.
وأمّا روايات القول الأوّل الذي عليه المعوّل فهي صريحة الدلالة ، واضحة المقالة ، لا مجال للطعن في شيء منها إلّا بضعف الأسناد ، بناء على هذا الاصطلاح الذي لا تعويل عليه ولا اعتماد. ومن أجل ذلك توقّف شيخنا الشهيد الثاني في (المسالك) (٤) في ترجيح أحد القولين ، وتبعه المحدّث الكاشاني ـ كما هي عادته غالبا ـ في كتاب (المفاتيح) ، فقال في المسألة المذكورة : (وفي منع المريض من التبرعات المنجّزة التي تستلزم تفويت المال على الورثة من غير عوض زيادة على الثلث من دون إذنهم أو إجازتهم قولان. وفي الأدلة من
__________________
(١) في النسختين : حال.
(٢) إشارة إلى الشعر المنسوب لأمير المؤمنين عليهالسلام :
فكم من صحيح مات من غير علّة |
|
وكم من عليل عاش دهرا إلى دهر |
ديوان الإمام علي عليهالسلام : ٥٠.
(٣) في «ح» : بما ، بدل : به ما.
(٤) مسالك الأفهام ٦ : ٣١٠.