كلّهم (١) مقلّدون للإمام ، وأتباعهم أيضا مقلّدون للإمام؟ ما هذا إلّا تعسف ظاهر.
وثامنها : أن المجتهدين يقولون : طلب العلم في زمن الغيبة بطريق الاجتهاد ، وفي زمن الحضور بالأخذ من المعصوم ولو بالوسائط ، ولا يجوز الاجتهاد حينئذ ، وهو طريق الأخباريّين ، والأخباريين لا يفرّقون بين زمن الغيبة والحضور ، بل «حلال محمد حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة» (٢) لا يكون غيره ولا يجيء غيره ؛ كما في الحديث.
والجواب أن هذا الوجه أيضا يرجع إلى الاختلاف في الأدلة ، فإنّه متى كان ذلك العالم ـ إن سمّي مجتهدا أو أخباريّا ـ إنّما استند في الأحكام الشرعية إلى (الكتاب) والسنّة ، فإنه لا خلاف في صحّة ما بنى عليه ، ولا خلاف في جواز الأخذ عنه والعمل بقوله.
وأمّا أن زمن الغيبة وزمن الحضور واحد بالنسبة إلى الرعية فهو غلط محض ؛ لما عرفت في جواب الوجه الثالث. والإيراد بالحديث المذكور إنّما يتجه لو قلنا بجواز الاجتهاد على طريق العامّة من الاستناد إلى الآراء والأقيسة والعقول ؛ لاختلافها واضطرابها.
نعم ، ربّما يتفق ذلك أيضا مع الاستناد إلى (الكتاب) والسنّة في مقام اختلاف الأفهام وتفاوت الأنظار ، كما هو الواقع بين العلماء في جملة الأمصار ؛ من مجتهد وأخباري ، كما أوضحنا ذلك في الدرة (٣) الموضوعة في البحث مع صاحب (الفوائد المدنية) ، وإن كان الأخباريّون ينكرون ذلك ، ويدّعون أن الاختلاف الواقع بينهم إنّما نشأ من اختلاف الأخبار ، إلّا إنّا قد أوضحنا في الدرة المشار
__________________
(١) في النسختين : فكلهم.
(٢) الكافي ١ : ٩ ، وسائل الشيعة ٣٠ : ١٩٦ / الفائدة السادسة.
(٣) انظر الدرر ٢ : ٧ ـ ٣٢ / الدرّة : ١٩.