نجسا في الواقع فطهارته شرعيّة صحيحة مجزية اتفاقا ، وصلاته أيضا بتلك الطهارة صحيحة مجزية إجماعا. وأمّا بعد معلوميّة النجاسة وانكشاف الأمر بذلك ، فوجوب قضاء تلك العبادات التي مضت على ظاهر الصحة أولا وإعادتها يحتاج إلى دليل ، وليس فليس.
وصدق الفوات على هذه العبادات ـ كما ادّعاه في (الذكرى) (١) غير مسلّم ، كيف ، وقد فعل المأمور به شرعا ، وامتثال الأمر يقتضي الإجزاء والصحة ، كما حقّق في محلّه؟
وبالجملة ، فإنّهم صرّحوا في مواضع عديدة بأن القضاء يحتاج إلى أمر جديد.
ونحن نقول : إن هذا المكلّف لمّا كان الواجب عليه إنّما هو البناء على الظاهر ، وقد دخل عليه الوقت وأتى بالصلاة المفروضة عليه كاملة بشروطها الواجبة عليه في ظاهر التكليف ، ولا ريب أن صلاته صحيحة مجزية ، فلو ظهر الخطأ بعد ذلك في اعتقاده بالإتيان بشرط من تلك الشرائط وأنه لم يكن كذلك فالحكم بالإبطال يحتاج إلى دليل.
وقد دلّت الأدلة في بعض تلك المواضع والشروط على الصحة والحال كذلك ، كما إذا ظهر له نجاسة جسده (٢) أو ثوبه (٣) ، أو غصب مكانه أو لباسه ، أو انحرافه إلى غير جهة القبلة (٤) على تفصيل فيه ، ونحو ذلك ممّا يكون مبطلا مع العلم به
__________________
(١) ذكرى الشيعة ١ : ١١٠.
(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٤٢٦ / ١٣٥٥ ، الاستبصار ١ : ١٨٤ / ٦٤٣ ، وسائل الشيعة ٣ : ٤٧٩ ، أبواب النجاسات ، ب ٤٢ ، ح ١.
(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٤٢٣ / ١٣٤٥ ، الاستبصار ١ : ١٨٣ / ٦٤٢ ، وسائل الشيعة ٣ : ٤٨٠ ، أبواب النجاسات ، ب ٤٢ ، ح ٣.
(٤) تهذيب الأحكام ٢ : ٤٨ / ١٥٨ ، الاستبصار ١ : ٢٩٧ / ١٠٩٦ ، وسائل الشيعة ٤ : ٢١٤ ، أبواب القبلة ، ب ١٠ ، ح ٣.