أولا. وفي بعضها على الإبطال ، كما إذا كان جاهلا بالجنابة وتوضأ وصلّى ثمّ علم الجنابة (١) ، ونحو ذلك. وفي بعضها لم يدل عليه دليل.
ففيما قام الدليل عليه يجب العمل على مقتضى الدليل ، وما لم يقم عليه دليل يبقى على أصل الصحة ، كما لا يخفى.
وما استدلّ به العلّامة رحمهالله على العموم من صحيحة معاوية ، حيث قال بعد نقلها : (وهذا مطلق ، سواء سبقه العلم أو لا) (٢) ، فهو محل نظر ؛ كيف ، وليس فيها حكاية الطهارة بماء البئر بالكلية؟ ولعلّ المراد بها باعتبار ملاقاة الثوب أو البدن ، ومع ذلك فالعمل بها على إطلاقها غير ممكن ، بل لا بدّ من تقييدها بالروايات الواردة في عدم إعادة الجاهل بالنجاسة.
وأمّا ما ذكر الشيخ (٣) ـ في (النهاية) و (المبسوط) ـ وابن البرّاج (٤) من الإعادة في الوقت دون خارجه فلم نقف له على دليل ، ولعلهما قاسا ذلك على الصلاة بالنجاسة ، فإن الشيخ (٥) في (النهاية) و (المبسوط) ذهب إلى وجوب الإعادة على من صلّى في النجاسة جاهلا في الوقت دون الخارج.
ولم أقف على مذهب ابن البرّاج في ذلك ، ولا يبعد أن يكون مذهبه ذلك أيضا فإنه كثيرا ما يقتفي أثر الشيخ ، ويجوز أن يكون قد بنى على أنه ما دام في الوقت لم تبرأ الذمة من عهدة التكليف حتّى يأتي بما كلّف به واقعا ، وأمّا خارج الوقت فلا بدّ له من دليل من خارج. وما ذكره ابن الجنيد (٦) أيضا لم نقف له على مستند.
وأنت خبير بأن كلامهم ـ رضوان الله عليهم ـ في هذه المسألة مبني على
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ : ٣٦٠ / ١٤٩١ ، وسائل الشيعة ٣ : ٤٧٦ ، أبواب النجاسات ، ب ٤١ ، ح ٨.
(٢) مختلف الشيعة ١ : ٧٨ / المسألة : ٤١.
(٣) النهاية : ٨ ، المبسوط ١ : ١٣.
(٤) المهذّب ١ : ٢٧.
(٥) النهاية : ٨ ، ٥٢ ، المبسوط ١ : ١٣.
(٦) عنه في مختلف الشيعة ١ : ٧٦ / المسألة : ٤١.