قال : «لا يزال الدين ظاهرا حتّى تقوم الساعة ، ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش» (١).
ومن ذلك رواية الحميدي في (الجمع بين الصحيحين) لهذه الأحاديث من طريق عبد الملك بن عمر (٢) ، وطريق شعبة ، وطريق ابن عيينة ، وطريق عامر بن سعد ، وطريق سمّاك بن حرب ، وطريق عدي بن حاتم ، وطريق عامر الشعبي (٣) ، وطريق حصن (٤) بن عبد الرحمن. وجميع هذه الطرق يتضمّن أن عدّتهم اثنا عشر خليفة أو أمير ، كلّهم من قريش (٥).
أقول : لا يخفى على المنصف أنه لا وجود لهذا العدد إلّا على مذهب الإماميّة الاثني عشرية ؛ ولهذا اضطربت آراء مخالفينا ـ هداهم الله تعالى ـ في بيان هذه الاثني عشر المذكورة في هذه النصوص ، وتاهت أفكارهم في المراد بها على الخصوص. فقال بعضهم : هم الخلفاء بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكان اثنا عشر منهم ولاة الأمر إلى ثلاثمائة سنة ، وبعدها وقع الفتن والحوادث. فيكون المعنى : أن أمر الدين عزيز مدة خلافة اثني عشر ، كلّهم من قريش.
أقول : ويرد عليه :
أولا : أنه مع الإغماض عن المناقشة في خلافة المتقدّمين ، فعدّ معاوية المحارب لعلي عليهالسلام في صفين ، والمعلن بسبّه وسبّ أولاده على رءوس المنابر ، حتى صار سنّة أمويّة بين البادي والحاضر ، ويزيد ابنه المعلن بشرب الخمور والفجور ، قاتل الحسين عليهالسلام وأهل بيته ، وهادم الكعبة ، وصاحب وقعة الحرّة ،
__________________
(١) سنن أبي داود ٤ : ١٠٦ / ٤٢٧٩ ، وهو عنه بنصه في الطرائف ١ : ٢٥٣ / ٢٦٨.
(٢) في المصدر : عمير.
(٣) في المصدر : عامر بن الشعبي.
(٤) في المصدر : حصين ، وفي «ح» : حضر.
(٥) عنه في الطرائف ١ : ٢٥٣ / ذيل الحديث : ٢٦٨.