وواضع السيف في أهل المدينة : المهاجرين والأنصار (١) ، والوليد الزنديق الذي جعل (القرآن) العزيز غرضا للنشّاب (٢) ، وأمثالهم ممّن يتمّ بهم العدد من فراعنة الاموية والعبّاسية ، لا يخفى ما فيه على من قابل الإنصاف وجانب الاعتساف.
وهل يدّعي مسلم يؤمن بالله ورسوله أن هؤلاء خلفاء الله في أرضه والحافظون لسنّته وفرضه؟ وثانيا : أنّهم قد رووا عنه صلىاللهعليهوآله أن الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثمّ تكون ملكا عضوضا (٣) ، فكيف يدّعي هذا القائل امتداد الخلفاء الاثني عشر إلى ثلاثمائة سنة ، وإن الفتن والحروب إنّما هي بعدها؟
وثالثا : أنّه يلزم أن تكون الأحكام بعد تلك المدة التي ذكرها ـ وأنّ بها تنقضي خلافة الخلفاء الاثني عشر ـ معطلة ، والشرائع إلى يوم القيامة مهملة ، مع أن جملة من الأخبار المتقدمة دلّت على أن أمر الدين عزيز إلى يوم القيامة ، وأن خلافة الاثني عشر ممتدة إلى يوم القيامة.
وقال بعضهم : إن صلحاء الخلفاء من قريش اثنا عشر ، وهم الخلفاء الراشدون وهم خمسة ، وعبد الله بن الزبير ، وخمسة اخر من خلفاء بني العباس ، فيكون هذا إشارة إلى الصلحاء من الخلفاء القرشية.
أقول : فيه :
أوّلا : ما عرفت من أنّهم قد رووا عنه صلىاللهعليهوآله من أن الخلافة بعده تكون ثلاثين سنة ، ثمّ يصير ملكا عضوضا ، والثلاثون قد كملت بخلافة الحسن عليهالسلام الذي هو
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٤ : ١١ ـ ١٢٠.
(٢) مروج الذهب ٣ : ٢٤٠ ، تاريخ الخميس ٢ : ٣٢٠ ، حياة الحيوان ١ : ١٠٣.
(٣) فتح الباري ١٥ : ١٢٦ / شرح الحديث : ٧٢٢٢ ـ ٧٢٢٣ ، والمصنف رحمهالله سيصرّح في الصفحة التالية بأنه أخذه عن (مطالب السؤول).