أيها بني قيلة ، اهتضم تراث أبي ، وأنتم بمرأى ومسمع ؛ تبلغكم الدعوة ، ويشملكم الصوت ، وفيكم العدّة والعدد ، ولكم الدار والجنن ، وأنتم نخبة الله التي انتخب ، وخيرته التي اختار؟ باديتم العرب ، وبادهتم الامور ، وكافحتم البهم حتّى دارت بكم رحى الإسلام ، ودرّ حلبه ، وخبت نيران الحرب ، وسكنت فورة الشرك ، وهدأت دعوة الهرج ، واستوسق (١) نظام الدين ، أفتأخّرتم بعد الإقدام ، ونكصتم بعد الشدة ، وجبنتم بعد الشجاعة ، عن قوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم؟! (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) (٢).
ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض ، وركنتم إلى الدعة ، فجحدتم الذي وعيتم ، ودسعتم الذي سوّغتم ، و (إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) (٣).
ألا وقد قلت لكم ما قلت على معرفة منّي بالخذلة التي خامرتكم ، وخور القنا (٤).
فدونكموها فاحتقبوها ، دبرة الظهر ، ناقبة الخفّ ، باقية العار ، موسومة بالشنار ، موصولة بنار (اللهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ). فبعين (٥) الله ما تعملون (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٦)» (٧).
أقول : قال ابن أبي الحديد في (شرح النهج) : (قال المرتضى رضياللهعنه : وأخبرنا أبو عبد الله المرزباني قال : حدّثني علي بن هارون قال : أخبرني عبيد الله بن أحمد ابن أبي طاهر عن أبيه قال : ذكرت لأبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليهالسلام كلام فاطمة عليهاالسلام عند أبي بكر ومطالبتها إياه فدك ، وقلت : إن
__________________
(١) في المصدر : واستوثق.
(٢) التوبة : ١٢.
(٣) إبراهيم : ٨.
(٤) في المصدر : القناة.
(٥) من «ح» والمصدر ، وفي «ق» : فبغير.
(٦) الشعراء : ٢٢٧.
(٧) شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢١١ ـ ٢١٣.