الساعة يخسر المبطلون ، و (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ) (١) ، و (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) (٢).
قال : ثم التفتت إلى قبر أبيها فتمثلت بقول هند بنت أثاثة (٣) :
قد كان بعدك أنباء وهنبثة |
|
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب (٤) |
أبدت رجال لنا فحوى صدورهم |
|
لمّا قضيت وحالت دونك الترب |
تجهّمتنا رجال واستخفّ بنا |
|
إذ غبت عنّا فنحن اليوم نغتصب |
قال : ولم ير الناس أكثر باك ولا باكية منهم يومئذ. ثمّ (٥) عدلت إلى مسجد الأنصار ـ وفي نسخة : ثمّ رمت بطرفها نحو الأنصار ـ فقالت : «يا معشر الشيعة (٦) وأعضاد الملّة وحصنة الإسلام ، ما هذه الفترة عن نصرتي ، والسّنة عن ظلامتي؟ أما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله [يقول] : المرء يحفظ في ولده؟ سرعان ما أحدثتم! وعجلان ما أتيتم! ألا إن مات رسول الله صلىاللهعليهوآله أمتّم دينه؟ ها إنّ موته لعمري خطب جليل استوسع وهيه ، واستنهر (٧) فتقه ، وفقد راتقه ، وأظلمت (٨) الأرض له ، وخشعت الجبال ، وأكدت الآمال ، واضيع بعده الحريم ، وهتكت الحرمة ، وأذيلت المصونة ، وتلك نازلة أعلن بها كتاب الله قبل موته ، وأنبأكم بها فقال (وَما مُحَمَّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشّاكِرِينَ) (٩).
__________________
(١) الأنعام : ٦٧.
(٢) إشارة إلى الآية : ٣٩ من سورة هود.
(٣) هند بنت أثاثة بن عباد بن المطّلب بن عبد مناف. السيرة النبوية (ابن هشام) ٣ : ٥٤.
(٤) شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢٥٠ ـ ٢٥١ ، وذكر البيت الأخير في الصفحة : ٢٥٣.
(٥) من هنا إلى نهاية الخطبة ليس في شرح النهج وقد ورد في الاحتجاج باختلاف ، غير أنه جاء فيه قبل أبيات الشعر التي استشهدت بها ، سلام الله عليها.
(٦) في «ح» : البقية.
(٧) في «ح» : واستبهر.
(٨) من «ح» ، وفي «ق» : اطلت.
(٩) آل عمران : ١٤٤.