اللهُ) (١) ، أو نجم قرن للشيطان ، أو فغرت فاغرة للمشركين قذف أخاه في لهواتها. فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه ، ويطفئ عادية لهبها بسيفه ، مكدودا في ذات الله ، وأنتم في رفاهية آمنون فاكهون وادعون.
حتّى إذا اختار الله لنبيّه دار الأنبياء ظهرت حسيكة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الأقلّين ، وهدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه صارخا بكم ، فدعاكم وألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللغرة فيه ملاحظين. ثمّ استنهضكم فوجدكم خفافا ، وأحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير إبلكم ، واوردتم غير شربكم. هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لمّا يندمل.
زعمتم خوف الفتنة ، (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) (٢).
فهيهات! وأنّى بكم وأنّى تؤفكون ، وكتاب الله بين أظهركم ؛ زواجره بيّنة ، وشواهده لائحة ، وأوامره واضحة. أرغبة عنه تريدون ، أم بغيره (٣) تحكمون؟ بئس للظالمين بدلا (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٤).
ثمّ لم تلبثوا إلّا ريث أن تسكن نفرتها ويسلس قيادها ، ثمّ أخذتم تورون وقدتها ، وتهيجون جمرتها ، تسرّون حسوا في ارتغاء ، وتمشون لأهله وولده في الخمر والضراء ، ونصبر منكم على مثل حزّ المدى ، ووخز السنان في الحشا (٥) ، وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا؟ (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٦).
يا بن أبي قحافة ، أترث أباك ولا أرث أبي؟ (لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) ، فدونكها مخطومة مرحولة ، تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله والزعيم محمد ، والموعد القيامة ، وعند
__________________
(١) المائدة : ٦٤.
(٢) التوبة : ٤٩.
(٣) من «ح» ، وفي «ق» : لغيره.
(٤) آل عمران : ٨٥.
(٥) من قولها عليهاالسلام : فإن تعزوه تجدوه أبي ، المار في الصفحة : ٣٥٩ إلى هنا ، ورد في شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢٥٠ ـ ٢٥١.
(٦) المائدة : ٥٠.