يكلم حشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلا نميرا [فضفاضا] (١) تطفح ضفتاه ، ولأصدرهم بطانا ، قد تحيّر بهم [الرأي] (٢) [غير متحلّ بطائل ، إلّا بغمر الناهل ، وردعه سورة الساغب ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون. ألا هلم فاستمع ، وما عشت أراك الدهر عجبه ، وإن تعجب فقد أعجبك الحادث ، إلى أي لجأ استندوا ، وبأي عروة تمسكوا ، لبئس المولى ولبئس العشير ، ولبئس للظالمين بدلا ، استبدلوا والله الذّنابى بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) (٣).
ويحهم! (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٤).
أما لعمر الله لقد لقحت ، فنظرة ريثما تنتج ، ثم احتلبوها طلاع العقب دما عبيطا وذعاقا ممقرا هنالك (يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ) (٥) ، ويعرف التالون غبّ ما أسس الأولون. ثم طيبوا عن أنفسكم نفسا ، واطمئنوا للفتنة جأشا ، وابشروا بسيف صارم ، وهرج شامل ، واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيدا ، وجمعكم حصيدا ، فيا حسرة عليكم ، وأنّى لكم وقد عمّيت عليكم؟ (أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) (٦) ، والحمد الله رب العالمين ، وصلاته على محمد خاتم النبيين ، وسيد المرسلين] (٧)» (٨).
__________________
(١) من المصدر ، وفي النسختين : فضاضا.
(٢) من المصدر ، وفي «ق» : الري ، وفي «ح» : الرمي.
(٣) البقرة : ١٢.
(٤) يونس : ٣٥.
(٥) إشارة إلى الآية : ٧٨ ، من سورة : غافر.
(٦) هود : ٢٨.
(٧) ليست في «ح» ، وفي مصوّرة «ق» فقرة كاملة غير واضحة الكلمات ، وقد نقلناها من شرح نهج البلاغة. ويؤيده شرح ألفاظ الخطبة حيث نقل في الشرح عين الألفاظ الواردة في النص المضاف من شرح نهج البلاغة إلى المتن.
(٨) شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢٣٣.