أقول : قد روى هذه الخطبة الشريفة أيضا شيخنا الصدوق ـ عطّر الله مرقده ـ في (معاني الأخبار) بسنده إلى محمد بن زكريا الذي روى عنه أبو بكر الجوهري ، ثمّ ساق بقية السند الذي ذكره الجوهري. ورواها بسند آخر إلى علي عليهالسلام قال : «لمّا حضرت فاطمة عليهاالسلام الوفاة دعتني ، فقالت : أمنفذ أنت وصيّتي وعهدي؟ قلت : بلى انفذها. فأوصت إلي ، وقالت : إذا متّ فادفني ليلا ، ولا تؤذن رجلين ذكرتهما».
قال : «فلمّا اشتدت علّتها اجتمع إليها نساء المهاجرين والأنصار ، فقلن : كيف أصبحت يا بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله» (١) الحديث.
ثمّ قال شيخنا الصدوق رحمهالله : (قال مصنّف هذا الكتاب رحمهالله : سألت أبا أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري عن معنى هذا الحديث ، فقال : أمّا قولها ـ صلوات الله عليها ـ : «عائفة» ، العائفة : الكارهة ، يقال : عفت الشيء ، إذا كرهته ، أعافه. والقالية : المبغضة ، يقال : قليت فلان ، إذا أبغضته. وفي كتاب الله عزوجل : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (٢).
وقولها : «لفظتهم» ، هو طرح الشيء من الفم ؛ كراهة له.
وقولها : «بعد أن أعجمتهم (٣)». يقال : عجمت الشيء ، إذا عضضت عليه ، وعود معجوم : إذا عضّ.
«وشنئتهم» : أبغضتهم ، والاسم منه الشنآن.
وقولها : «سبرتهم» ، أي امتحنتهم.
وقولها : «وقبحا لفلول الحدّ ..» ، يقال : سيف مفلول ، إذا انثلم حدّه. والخور :
__________________
(١) معاني الأخبار : ٣٥٥ ـ ٣٥٦ / ذيل الحديث : ١ ، باب معاني قول فاطمة عليهاالسلام.
(٢) الضحى : ٣.
(٣) كذا في النسختين ، والذي أورده المصنّف في الحديث : عجمتهم ، وهو الموافق للمصدر.