التنزه عن أخذ الخمس أولى خصوصا عند عدم الضرورة ، والعلم عند الله.
وكتب خادم المحدّثين ، وتراب أقدام العلماء والمتعلمين ، العبد الجاني عبد الله ابن صالح البحراني بضحوة يوم الاثنين من الثاني والعشرين من ربيع الثاني [ال] سنة الرابعة والثلاثين بعد المائة والألف ، بالمشهد الحسيني ـ على مشرّفه السلام ـ حامدا مصلّيا مسلما (١)) انتهى.
أقول : ما ذكره قدسسره جيد إلّا إن توقفه أخيرا في جواز أخذ الخمس للرواية المشار إليها التي هي مرسلة حمّاد المتقدمة لا وجه له ؛ وذلك لأنه قد علل فيها عدم جواز أخذ الخمس بعدم صحة النسبة بالبنوّة ، كما ينادي به استدلاله بالآية : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) (٢) ، وهو قد صرّح في صدر كلامه بأن ثبوت البنوّة قد تحقق عنده وثبت له بالأدلّة القطعية ، واعترف أخيرا بأن هذه الرواية مخالفة لـ (القرآن) وموافقة للعامّة. وبذلك يتعين وجوب طرحها من غير إشكال ولا ريب من هذه الجهة.
نعم ، لو كانت الرواية قد منعت من الخمس بقول مجمل من غير ذكر هذه العلة لأمكن احتمال ما ذكره ، ولكن مع وجود العلة وظهور بطلانها يبطل ما رتب عليها البتة.
على أن هذا الكلام منه خلاف المعهود من طريقته في غير مقام ، بل طريق جملة العلماء الأعلام ؛ فإنه متى ترجّح أحد الدليلين ـ ولا سيما بمثل هاتين القاعدتين المنصوصتين ـ فإنهم يرمون بالدليل المرجوح ، ولا يلتفتون إليه بالكلية ، بل قد يرجّحون بامور استحسانية غير منصوصة ، ويعملون على الراجح
__________________
(١) من «ح».
(٢) الأحزاب : ٥.