تركه إنما هو لبيان أن الأوّل غير محرم والثاني غير واجب.
وهذا ممّا لا يكاد يجسر على إنكاره إلّا من لم يتطلّع في كتب الأخبار ولا كلام الأصحاب ، فإذا كان الأئمّة عليهمالسلام يفعلون ذلك أحيانا ، فكيف يجوز أن يدّعي أن ذلك يشقّ عليهم لو وقع من شيعتهم؟
ويزيدك بيانا لما قلناه وإيضاحا لما أجملناه ما رواه في (الكافي) عن أحدهما عليهماالسلام قال : «قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّ للقلوب إقبالا وإدبارا ، فإذا أقبلت فتنفلوا ، وإذا أدبرت فعليكم بالفرائض» (١).
وما رواه الصدوق قدسسره في (الفقيه) في الصحيح عن معمّر بن يحيى قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام ، يقول : «إذا جئت بالصلوات الخمس لم تسأل عن صلاة ، وإذا جئت بصوم شهر رمضان لم تسأل عن صوم» (٢).
وما رواه في (التهذيب) عن معمّر بن يحيى ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، أنه سمعه يقول : «لا يسأل الله عبدا عن صلاة بعد الفريضة ، ولا عن صدقة بعد الزكاة ، ولا عن صوم بعد شهر رمضان» (٣).
ومثل ذلك رواية ثالثة لمعمّر بن يحيى (٤).
وهذه الأخبار كما ترى مرخّصة للشيعة في ترك النافلة ، وكيف يتّفق هذا مع كون ترك المستحبات ليشقّ عليهم كما ادّعاه في المقام.
ويوضّح ما قلناه أيضا رواية عائذ الأحمسي قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام ، وأنا اريد أن أسأله عن صلاة الليل ، فقلت : السلام عليك يا بن رسول الله. فقال عليهالسلام :
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٥٤ / ١٦ ، باب تقديم النوافل وتأخيرها .. ، وفيه : «بالفريضة» بدل : «بالفرائض».
(٢) الفقيه ١ : ١٣٢ / ٦١٤ ، وفيه : «بالخمس الصلوات» بدل : «بالصلوات الخمس».
(٣) تهذيب الأحكام ٤ : ١٥٣ / ٤٢٤.
(٤) تهذيب الأحكام ٤ : ١٥٤ / ٤٢٨.