«وعليك السلام ، إي والله إنّا لولده ، وما نحن بذوي قرابته» ، ثلاث مرّات قالها ، ثم قال من غير أن أسأله : «إذا لقيت الله بالصلوات الخمس المفروضات لم يسألك عمّا سوى ذلك» (١).
فإن ظاهر الخبر أن السائل كان غرضه السؤال عن صلاة الليل ، أي (٢) عن تركها تهاونا وتثاقلا ، وخاف المؤاخذة بذلك ، فأجاب عليهالسلام بما يندفع به وهمه وخوفه. فإن هذا هو الذي ينطبق عليه الجواب.
وبالجملة ، فهذه الأخبار واضحة في الترخيص في الترك للمستحبات كما ذكرناه ؛ إذ لا غرض من إلقاء هذا الكلام ، ولا أثر يترتب عليه في المقام غير ما ذكرنا ، وإلّا فكلّ أحد يعلم أن المستحب لا يسأل عنه المكلّف ؛ لأنه غير مفروض عليه ، فلو لم يحمل على ما ذكرناه لكان إلقاء هذا الكلام منه عليهالسلام يجري مجرى العبث الذي تجلّ عنه مرتبته في كلّ مقام.
وأمّا ما ورد من الأخبار المستفيضة من أنه صلىاللهعليهوآله همّ بإحراق قوم لم يحضروا الجماعة في المسجد (٣) ، وما في صحيحة زرارة الواردة في عدد الفرائض اليوميّة ونوافلها ، حيث قال عليهالسلام في آخرها : «إنّما هذا كلّه تطوّع وليس بمفروض ، إنّ تارك الفريضة كافر ، وإنّ تارك هذا ليس بكافر ، ولكنّها معصية» (٤).
وما في موثقة حنان بن سدير ، حيث قال الراوي ـ بعد عدّه عليهالسلام سنة النوافل التي كان يصلّيها النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ : [إن كنت أقوى على أكثر من هذا] أيعذّبني الله
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٨٧ / ٣ ، باب نوادر كتاب الصلاة.
(٢) عن صلاة الليل أي ، سقط في «ح».
(٣) الفقيه ٣ : ٢٥ / ٦٥ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٩٢ ، كتاب الشهادات ، ب ٤١ ، ح ١.
(٤) تهذيب الأحكام ٢ : ٧ ـ ٨ / ١٣ ، وسائل الشيعة ٤ : ٥٩ ، أبواب أعداد الفرائض ، ب ١٤ ، ح ١.