على كثرة الصلاة (١)؟ قال عليهالسلام : «لا ، ولكن يعذّب على ترك السنّة» (٢).
ونحو ذلك ممّا يدلّ بظاهره على ترتّب العقاب على ترك المستحبات ، فإنّه يحتمل وجهين :
أحدهما : أن تحمل هذه الأخبار على ظاهرها ، ويحمل الترك على حدّ يؤذن بالتهاون بالدين وقلة المبالاة بكمالات الشرع ، والاستخفاف بالوظائف الدينيّة ، فيكون عصيانا موجبا للمؤاخذة ، كما ورد من أنه لو أصرّ أهل مصر على ترك الأذان حاربهم الإمام (٣). وحينئذ ، فتكون هذه الرواية حجّة لنا ، بناء على ما زعمه هذا القائل ؛ لأن الترك على هذا الوجه يكون شاقا عليهم ، ويترتّب عليه العقاب والعذاب.
وثانيهما : الحمل على مجرّد التأكيد والتغليظ ؛ لئلا يتهاون الناس بتركها وإهمالها. ولا يخفى على المتتبّع للأخبار وما يلقونه عليهمالسلام لشيعتهم في أمثال هذا المقامات أنهم يوقفونهم دائما على الجادة الوسطى بين طريقي الخوف والرجاء ؛ فيرخّصون لهم تارة ؛ ويشدّدون عليهم اخرى كما في هذا المقام ، فإنّهم تارة يلقون إليهم أن الله سبحانه لا يسأل عن شيء بعد الفرائض ، وتارة يقولون : إن ترك النوافل معصية وإنه يعذّب عليها.
__________________
(١) يريد : هل يعذب الله على ترك كثرة الصلاة؟ كما يقال : هل يعذب الله على الصوم؟ أي على تركه.
(٢) الكافي ٣ : ٤٤٣ / ٥ ، باب صلاة النوافل ، تهذيب الأحكام ٢ : ٤ / ٤ ، وسائل الشيعة ٤ : ٤٧ ، أبواب أعداد الفرائض ، ب ١٣ ، ح ٦.
(٣) الحبل المتين (ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين) : ١٣٣ ، ونسبه للأصحاب ، المبسوط (السرخسي) ١ : ١٣٣ ، ونسبه لمحمد ، والظاهر أنه الماتن محمد بن أحمد المروزي ، والسرخسي إنما هو شارح لمختصر (المبسوط) لا مؤلفه كما أشار إلى ذلك في مقدّمة كتابه ، حيث إن المبسوط هو جمع لما فرّعه أبو حنيفة. انظر المبسوط ١ : ٣ ـ ٤.