وهل هو إلّا ردّ لكلامه عليهالسلام ومقابلة لنصّه بالاجتهاد الذي هو ظاهر الفساد بين جملة العباد.
وليت شعري ، أين ما دلّت عليه الزواجر القرآنيّة والأخبار النبويّة من المنع في الحكم ، والفتوى بمجرّد الظنّ والتخمين ، ووجوب البناء فيهما على العلم واليقين المستند إلى آية قرآنيّة ، أو سنّة معصوميّة حتّى يجوز التعويل في الأحكام الشرعيّة على مثل هذه التخرّصات في مقابلة النصوص الواضحة؟
وبذلك يظهر لك ما في قوله : (ولو كان محرّما لكانوا يمنعون الناس أشدّ المنع) ، فإنّه موقوف على إثبات أنّه وقع الجمع في زمانهم عليهمالسلام بأمرهم ورضاهم (١) ، أو باطّلاعهم ، وهذا ممّا لم يقم عليه دليل. ثم أيّ منع أشدّ من أن يقول عليهالسلام : لا يحلّ لأحد أن يجمع بين اثنتين من ولد فاطمة ، ويعلّل ذلك زيادة في التأكيد والتشديد بكونه يبلغها عليهاالسلام ويشقّ عليها ـ بمعنى يصعب عليها تحمله ـ كما عرفته من معنى هذا اللفظ الذي هو زيادة على مجرّد الأذى بمراتب كما عرفت آنفا؟ ولكن الكلام من غير تأمّل في المقام قد يضع صاحبه في مضيق الإلزام.
وبذلك يظهر لك ما في بقيّة الكلام من التطويل بغير طائل (٢) سوى مجرّد إيقاع الناس في المشاكل والمعاضل.
التاسع : قوله : (مع ما في هذا التعليل من أنّه لو كان كذلك) ـ إلى آخره ـ فإنّه عجيب غريب ، كما لا يخفى على الموفّق المصيب ؛ وذلك لأنه قد حقّق المحقّقون من علماء الاصول ، ومن عليهم المعتمد في هذه الأبواب وبهم الوصول أن مرجع مفهوم الأولويّة إلى التنبيه بالأدنى ـ أي الأقل مناسبة ـ على الأعلى أي الأكثر مناسبة ، وهو حجّة إذا كان قطعيّا ، بمعنى قطعيّة العليّة في الأصل ، كالإكرام في
__________________
(١) بأمرهم ورضاهم ، ليس في «ح».
(٢) بغير طائل ، من «ح» ، وفي «ق» بدله : الطائل.