منع التأفّف في قوله عزوجل (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) (١) ـ الآية ـ وعدم تضييع الإحسان والإساءة في الجزاء في قوله (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٢) ، وكون العلّة أشد مناسبة في الفرع.
وأمّا إذا كان ظنيّا ، فيدخل في باب القياس المنهي عنه ، كما يقال : يكره جلوس الصائم المجبوب في الماء ، لأجل ثبوت الكراهة للمرأة الصائمة ، لعدم علم كون علة الكراهة للمرأة هو جذب الفرج الماء.
وحينئذ ، فبمقتضى هذا التقرير يتوقّف الحكم بالأولوّية هنا على بيان العلّة في المشقة الحاصلة بالجمع بين اثنتين من أولادها ؛ ما هي؟ وأنّها عبارة عن ما ذا؟ ثم بعد ذلك لا بدّ من القطع والجزم بكونها هي العلّة على الخصوص ، لا بالظنّ والتخمين ، وإلّا لكان من قبيل القياس الذي عليه اتّباع الوسواس الخناس. وأنت خبير بأن العلّة هنا غير معلومة لنا على اليقين ، كما في الآيتين المشار إليهما آنفا ، فلا يتمشّى الحكم بالأولويّة.
على أن كلامه هنا إذا تأمّلته بعين التحقيق ، ونظرته بالنظر الدقيق ، وجدته ردّا على الإمام عليهالسلام ؛ إذ لا اختصاص له بالقول بالتحريم كما نذهب إليه دون الكراهة كما يقول به هو في هذا المقام ، فإن الأولويّة لو وجدت وثبتت لترتّبت على كلّ من القولين ، بمعنى أنّه إذا حرم الجمع بين اثنتين من ولدها عليهاالسلام حرم بطريق الأولى الجمع بين واحدة [منهن] (٣) وبين غير الفاطميّة ، وإن كره الجمع بين الاثنتين من ولدها كره بطريق الأولى بين واحدة منهنّ وعاميّة.
فحاصل كلامه حينئذ أنّه لا يجوز تعليل المنع من الجمع سواء كان على جهة التحريم أو الكراهة بالمشقّة ؛ لما يلزم منه من أولويّة التحريم أو الكراهة في
__________________
(١) الإسراء : ٢٣.
(٢) الزلزلة : ٧ ـ ٨.
(٣) في النسختين : منهم.