الفاطميّة وغير الفاطميّة ، وهذا محض الردّ على الإمام عليهالسلام ، ونسبته في هذا المقام إلى زلّة القلم أولى من نسبته إلى زلّة القدم ، وهي غفلة عجيبة منه ، سلّمه الله.
ومن ذلك يعلم ما في قوله : (مع أني لم أر قائلا بالكراهة) ، فإنّه ردّ عليه ؛ إذ لو كان مفهوم الأولويّة ممكنا هنا للزم كراهة الجمع بين الفاطميّة وغيرها بطريق الأولى ؛ لأنه يدّعي أن لفظ (المشقّة) إنّما يستلزم الكراهة ، فلو كان كذلك للزم بمقتضى مفهوم الأولويّة المترتّب على المشقّة ـ كما زعمه ـ أن يكون الجمع بين الفاطميّة وغيرها مكروها ، مع أنّه لم يصرّح به أحد.
العاشر : قوله : (ومع ذلك كلّه فدع ما يريبك إلى مالا يريبك) ، فإنّه يجب على خصمه في هذا المقام أن يوليه من الثناء التام والتبجيل والإعظام ما لا تحيط به الأقلام ، حيث هداه إلى ما كان غافلا عنه ممّا هو أوضح واضح في الردّ عليه ، وأظهر ظاهر في ضعف ما جنح إليه ؛ إذ لا يمتري ذو مسكة من أرباب العقول في أن الريبة إنّما هي في الجمع بين الفاطميّتين ، لا في عدم الجمع ؛ لأن النصّ قد ورد بالمنع.
غاية الأمر أن بعضا يتمسّك به في التحريم وآخر يتأوّله بالحمل على الكراهة ، فالجمع حينئذ دائر بين التحريم والكراهة ، فهو محلّ الريبة حينئذ.
وأمّا عدم الجمع فلا ريبة فيه بوجه ، فمقتضى الخبر الذي أورده : دع الجمع الذي يريبك إلى عدم الجمع الذي لا يريبك. ويؤيّده تتمّته التي ذكرها أيضا (لأنّ أحدا في ترك الجمع لا يعيبه (١)).
وأمّا في الجمع ، فهو معاب البتة ، أمّا على التحريم فظاهر ، وأمّا على الكراهة أيضا فكذلك وإن كان أقل مرتبة ؛ لأن ارتكاب المكروه عيب ولو في الجملة ،
__________________
(١) كذا في النسختين ، وقد وردت في النصّ أوّلا بلفظ : يعيبك.