فإنه مسلوب لضرورة الوجود والعدم معاً؛ فلا الوجود ولا العدم ضروريان بالنسبة إليه. وقد لا يكون مسلوبا للطرف الموافق كما في المثال الثاني ، فإن ضرورة العدم غير مسلوبة عن شريك الباري ، بمعنى أن العدم ضروري بالنسبة إليه ، وهو مقتضى أدلّة التوحيد النافية لوجود آلهة غير الله : «لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا» (١)
تجدر الإشارة إلى أن وجه تسمية هذا الإمكان بالإمكان العام يعود إلى أن هذا المعنى للإمكان هو المعنى الأعم له ، كما يُسمى عاميا لأن الإمكان بهذا المعنى هو الدارج حين الاستعمال عند عوام الناس.
٣ ـ الإمكان الوقوعي :
ويعني إمكان وقوع وتحقق شيءٍ من الأشياء ، فلا يلزم من فرض وجوده محال ، كإمكان وجود إنسان له رأسان ، وكإمكان اصطدام القمر بالأرض. وإنما يمتنع وقوع الشيء إما لكونه محالاً في ذاته كاجتماع النقيضين وارتفاعهما في شيءٍ واحد ، أو لكونه محالاً لغيره ، كاستحالة وجود المعلول لعدم علته. فالمعلول في حد ذاته ممكن إلا أنه استحال تحققه لعدم تحقق علته المفيضة له ، إذ من الواضح أن المعلول عدم عند عدم علته.
٤ ـ الإمكان الاستعدادي :
وهو قابلية مكنونة في شيءٍ تؤهّله لأن يكون شيئاً آخر كقابلية النطفة أن تكون إنسانا ، وهذا الاستعداد ينحصر وجوده في الموجودات المادية ، إذ إنها في حركة ونمو دائبين ، فالنطفة تتحول إلى علقة والعلقة تتحول إلى مضغة ، إلى أن تكون
__________________
١ ـ الأنبياء / ٢٢.