إلاّ الأشوس الأقعس يستأنسون بالمنيّة دوني استئناس الطفل إلى محالب أمّه» (١).
فهذه هي نتيجة التمحيص والامتحان وهي نتيجة ناجحة ، ولو كانوا قد قالوا غير ذلك لفشلوا في نظر الحسين عليهالسلام ، ولم يؤدّوا تكليفهم الكامل أمام الله وأمام إمامهم ومصدر شريعتهم ، والظاهر أنّ فيما ذكرناه الكفاية عن الدخول في المزيد من التفصيل.
الجهة الثانية : قالوا في تاريخ واقعة الحسين عليهالسلام : إنّ العبّاس عليهالسلام حين ذهبَ ليملأ القربة بالماء ، وحاربَ أعداءه إلى أن وصلَ إلى ضفّة النهر ، قالوا : ثمّ اغترفَ غرفة من الماء وأدناها من فمه ليشرب ، ثمّ رمى بها من يده وقال :
يا نفسُ من بعد الحسين هوني |
|
وبعدهُ لا كنتِ أن تكوني |
هذا الحسين وارد المَنون |
|
وتشربينَ بارد المعينِ |
تالله ما هذا فعالُ ديني (٢)
فقد يخطر في البال السؤال عمّا إذا كان الأولى بالعبّاس عليهالسلام شُرب الماء ، للتقوّي على الأعداء ، ومن ثَمّ نصرة الحسين عليهالسلام ، ومن ثمّ نصرة الدين أساساً؟
إلاّ أنّه ينبغي أن يكون الجواب واضحاً بعد كلّ الذي سبقَ أن عرفناه ؛ وذلك على عدّة مستويات ، نذكر منها :
المستوى الأوّل : إنّه لم يكن يوجد أيّ سبب في ذلك الحين ممّا يؤدي إلى نجاة الحسين عليهالسلام من القتل ، فحتّى لو شَرب العبّاس الماء بالمقدار الذي
__________________
(١) الدمعة الساكبة : ص ٣٢٥.
(٢) البحار للمجلسي : ج ٤٥ ، ص ٤١ ، رياض المصائب : ص ٣١٣.