فزمان عيسى هو الزمان الذي يأخذ الناس فيه بروح الدين والشريعة الإسلامية ، لإصلاح السرائر من غير تقيد بالرسوم والظواهر.
وأما الدجال فهو رمز الخرافات والدجل والقبائح التي تزول بتقرير الشريعة على وجهها والأخذ بأسرارها وحكمها ، والقرآن أعظم هاد إلى الحكم والأسرار ، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم مبينة لذلك.
(وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي ومنجوك مما كانوا يريدونه بك من الشر ، أو مما كانوا يرمونه به من القبائح ونسبة السوء إليه.
(وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي وجاعل الذين آمنوا بأنك عبد الله ورسوله ، وصدقوك في قولك «وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ» ثم آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعدك فوق الذين مكروا بك من اليهود وكذبوك ، ومن سار بسيرتهم ممن لم يهتد بهداك.
وهذه الفوقية إما فوقية دينية روحانية وهى فضلهم عليهم في حسن الأخلاق ، وكمال الآداب ، والقرب من الحق ، والبعد من الباطل ، وإما فوقية دنيوية وهى كونهم أصحاب السيادة عليهم.
وفي هذا إخبار عن ذلّ اليهود ومسكنتهم إلى يوم القيامة وقد تحقق ذلك ، فلا يرى ملك يهودى ، ولا بلد مستقل لهم بخلاف النصارى ، ولكن هذا لم يتحقق زمن المسيح لأتباعه ، بل كان اليهود يغلبونهم على أمرهم ، فالوجه الأول أولى بالاعتبار.
(إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) أي إن هذا السموّ في الآداب والأخلاق والكمال في الفضائل سيستمر لهم ما دامت السموات والأرض ، وبعدئذ يفعل الله بهم ما يشاء.
(ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) أي ثم مصيركم إلىّ يوم البعث ، فأحكم بينكم حينئذ فيما اختلفتم فيه من أمور الدين ، وهذا شامل للمسيح والمختلفين معه ، وشامل للاختلاف بين أتباعه والكافرين به.