المعنى الجملي
بعد أن ذكر أن الهدهد أبدى المعاذير لتبرئة نفسه ـ أردف ذلك إجابة سليمن عن مقالة الهدهد ، ثم أمره بتبليغ كتاب منه إلى ملكة سبأ ، والتنحي جانبا ليستمع ما يدور من الحديث بينها وبين خاصتها بشأنه.
الإيضاح
(قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ؟) أي قال سنختبر مقالك ، ونتعرف حقيقته بالامتحان ، أصادق أنت فيما تقول ، أم كاذب فيه لتتخلص من الوعيد؟
وفى التعبير بقوله : كنت من الكاذبين ، دون أن يقول أم كذبت ، إيذان بأن تلفيق الأقوال المنمّقة ، واختيار الأسلوب الذي يستهوى السامع إلى قبولها من غير أن يكون لها حقيقة تعبر عنها ـ لا يصدر إلا ممّن مرن على الكذب وصار سجيّة له حتى لا يجد وسيلة للبعد عنه ، وهذا يفيد أنه كاذب على أتم وجه ، ومن كان كذلك لا يوثق به.
ثم شرع يفعل ما يختبره به فكتب له كتابا موجزا وأمره بتبليغه إلى ملكة سبأ فقال :
(اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) أي اذهب بهذا الكتاب فألقه إليهم ، ثم تنح عنهم وكن قريبا منهم ، واستمع مراجعة الملكة أهل مملكتها ، وما بعد ذلك من مراجعة بعضهم بعضا ونقاشهم فيه.
ثم فصل ما دار بينهم بشأنه فقال :
(قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) أي وبعد أن ذهب الهدهد بالكتاب ألقاه إلى الملكة ففضّت خاتمه وقرأته ، وجمعت أشراف قومها ومستشاريها