تفسير المفردات
أسرى : سار ليلا ، متبعون : أي يتبعكم فرعون وجنوده ، والشرذمة : الطائفة القليلة من الناس ، غائظون : أي فاعلون ما يغيظنا ويغضبنا ، حاذرون : أي من دأبنا الحذر واستعمال الحزم فى الأمور ، كنوز : أي أموال كنزوها وخزنوها فى باطن الأرض ، ومقام كريم : أي قصور عالية ودور فخمة ، أورثناها : أي ملكناها لهم تمليك الميراث ، مشرقين : أي داخلين فى وقت الشروق ، تراءى الجمعان : أي تقاربا بحيث رأى كل منهما الآخر ، لمدركون : أي سيدر كوننا ويلحقون بنا ، كلا : أي لن يدركوكم ، انفلق : انشق ، الفرق : الجزء المنفرق منه ، والطود : الجبل ، وأزلفنا : أي قرّبنا. وثمّ : أي هناك ، لآية : أي لعظة وعبرة توجب الإيمان بموسى.
المعنى الجملي
أقام موسى بين ظهرانى المصريين يدعوهم إلى الحق ويظهر لهم الآيات ، فلم يزدهم ذلك إلا عتوا واستكبارا ، يرشد إلى ذلك قوله فى سورة الأعراف : «وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ» الآيات ، ثم أمره الله أن يخرج بنى إسرائيل ليلا من مصر ، وأن يمضى بهم حيث يؤمر ، ففعل ما أمر به وخرج بهم بعد ما استعاروا من قوم فرعون حليّا كثيرة.
فلما وصل علم ذلك إلى فرعون أرسل فى المدائن حاشرين يجمعون له الجند ، ثم قوّى نفسه ونفس أصحابه ، بأن وصف بنى إسرائيل بالقلة ، وأن أفعالهم تضيق بها الصدور ، وتوجب الغيظ ، وهو مستعد أن يبيدهم بما لديه من قوة وجند ، ثم تبعهم هو وجنوده وقت الشروق ، فلما تقارب الجمعان خاف أصحاب موسى وقالوا إن فرعون وقومه لاحقون بنا لا محالة. فقال لهم موسى لن يدركوكم وإن ربى سيهدينى إلى طريق النجاة ؛ وحينئذ أوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر فضرب فانفلق حتى صار شكل الماء المتراكم كالجبل العظيم ، فسار هو وقومه فى اليبس حتى جاوزوا البحر